وفي الوقت الذي كثفت فيه مصر جهودها لتحقيق وقف إطلاق النار في غزة، أخيراً ظهر ضوء ساطع في الأفق بوقف الحرب الصهيونية وتبادل الأسرى. وحينها اشتعلت سوريا في نيران الميليشيات المتطرفة. وبدأت الحرب وسيناريوهات تقسيم الدولة القديمة تلوح في الأفق.
وأخيراً، بدأ أهل غزة يتنفسون الصعداء، بانتظار التوصل إلى اتفاق حقيقي لوقف حرب الإبادة الإسرائيلية وتبادل الأسرى. واتفقت الفصائل الفلسطينية في القاهرة، بقيادة فتح وحماس، على تشكيل لجان لإدارة غزة بعد الحرب. توقفت الحرب. لقد أظهرت حماس مرونة غير مسبوقة. وبعد أشهر طويلة من الحرب المجنونة وعشرات الآلاف من القتلى والجرحى، معظمهم من الأطفال والنساء، تظهر إسرائيل استعدادا حقيقيا للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مماثل لما حدث. وفي لبنان يريد نتنياهو الهروب من سلسلة محاكمات الفساد والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار يتعامل من خلاله الداخل الإسرائيلي مع وقف القتال ومراحل تبادل الأسرى. واتفقت إدارة ترامب الجديدة مع إدارة بايدن على ضرورة ذلك. بالنسبة للسلطات، فإن الاتفاق هذه المرة أقرب إلى الحقيقة من أي وقت مضى.
في تلك اللحظة، عندما انتهت الحرب في لبنان، وبنفس الخطوات التي كانت الحرب في غزة تتقدم فيها، اندلعت الحرب في سوريا، قال نتنياهو إن الأسد سيدفع الثمن، وكأنه كلمة المرور لحركة الدعم المدعومة الفصائل الإرهابية إقليميا ودوليا. إلى حلب ومنها إلى حماة للوصول الحرب على مشارف حمص.. هيئة تحرير الشام والجيش الوطني الحر يخوضان حرباً حقيقية ضد الجيش السوري، في حين أن حركة قسد الكردية بدعم من قوات سوريا الديمقراطية والولايات المتحدة تعزز مواقعها وتستولي على المزيد من الأراضي. هناك خطر حقيقي الآن على أبواب معركة حمص، أهم مدينة بين لبنان وسوريا، بعد أن تبين أن حلب، العاصمة الاقتصادية لسوريا، سقطت في أيدي الجماعات الإرهابية. مدعومة على المستوى الإقليمي والدولي، وتمضي قدماً بتنسيق صهيوني لا يخفى على الأنظار.
الوضع في سوريا هو أزمة حقيقية. “الأسد” لا يجد الدعم الكافي لمواجهة الفصائل الإرهابية المسلحة، وروسيا على غير العادة تصبر وتشارك بفعالية في الضربات الجوية ضد الفصائل، ولا تزال إيران تعيش تحت ضربات أجنحتها العسكرية ولا تستطيع تقديم الدعم دعم حقيقي لـ”الأسد” وحزب الله. ولا يزال الجيش السوري، الذي كان ناشطاً سابقاً في سوريا، يعالج جراحه العميقة. الجيش السوري هو الوحيد الذي يواجه قوات مسلحة من الفصائل الإرهابية تمتلك أحدث الأسلحة. هناك إمدادات مفتوحة ومقاتلين من بلدان متعددة. معارك ساخنة تدور على الأرض، وداخل المساحات المغلقة يبدو أن هناك اتفاقاً ما، اتفاق سينهي سوريا، البلد السابق، الأكثر انقساماً مما هي عليه الآن. وهي أكثر تدميراً مما هي عليه، وقد بدأ مئات الآلاف يهربون من أماكن القتال، على أمل عدم عودة الهدوء.
العراق الشقيق الذي أفلت بحكمة إدارته وعلى رأسها رئيس الوزراء شياع السوداني من آثار الحرب في لبنان وغزة، يجد الآن الحرب على أبوابه، وقد يصل إليها الخطر… لكن الوضع لا يزال قائما. يقتصر الأمر على إغلاق وتأمين الحدود وعدم المشاركة في الحرب، إذ لن يشارك فيها الجيش ولا الفصائل المسلحة. لكن نيران الحرب السورية تهدد البلد الشقيق أكثر من أي دولة أخرى.
والسؤال: إلى متى ستستمر الحروب في الشرق الأوسط؟ إن ما يحدث في سوريا ليس بعيداً عن كونه امتداداً للمواجهة بين إسرائيل وإيران وقواتهما المسلحة، وهي المواجهة التي سيدفع ثمنها الأبرياء في سوريا. كما حصل في لبنان وغزة، مواجهة تهدد العراق… لكنها ليست مواجهة مفتوحة وليست بعيدة جداً عن الترتيبات التي تجري في غرف مغلقة وخلف الجدران، المنطقة على قمة بركان في الغليان. وترتفع ألسنة النار من جديد في كل مرة يخرجون فيها، متنقلين من مدينة إلى أخرى، ومن بلد إلى آخر، في انتظار وصول «ترامب». يحكم على.
لا يزال هناك أمل، ووقف حرب الإبادة في غزة سيمتد حتما إلى سوريا عبر اتفاق عسكري أو سياسي. لعن الله الحروب ولعن من بدأها.
•• الجيش الوطني:
إن ما حدث في غزة ولبنان، وما يحدث الآن في سوريا وقبلهما في السودان وليبيا واليمن، يؤكد تصور ورؤية الدولة المصرية وقيادتها. إن الحل الحقيقي لأزمات المنطقة هو وجود جيوش وطنية قوية وحقيقية لا ينازع أحد في قوتها وسيادتها. أينما ظهرت الميليشيات تظهر الحروب وتنتشر… أينما توجد فصائل مسلحة هناك تدخلات أجنبية وإقليمية معها و. اللعب بمصائر الشعوب والدول عندما يكون هناك جيش وطني يملك وسائل القوة وكلمته يطفئ نيران الصراعات وأسبابها.
إنه الحل الحقيقي للأزمات في الشرق الأوسط وأفريقيا، ومن يريد السلام معه بدعم الجيوش الوطنية والدول الوطنية بقدر استطاعته.
وفي مصر نحمد الله على نعمة الدولة الوطنية القوية الراسخة، والجيش الوطني الولاء لشعبه وتراب وطنه. في هذا الوقت، هذا هو مفتاح السلطة، ولمن يكون. من يملكه فليعض على أسنانه.
التعليقات