سوريا، وتطورات رهيبة! | شفقنا العربي

شهد الشمال السوري منذ الأربعاء الماضي، هجمات وتقدم واسعين للمجموعات  المعارضة للحكومة السورية، في منطقة حلب والريف الشرقي لإدلب.

وجاء في مقال نُشر في مواقع إيرانية إن هذه الهجمات الضارية التي تستخدم فيها تجهيزات متطورة، هي إجراء مُبرمج ومُخطط له منذ اشهر، بأبعاد إقليمية ودولية ويبدو أنها تلقي بظلالها على النظام الإقليمي.

وأضاف المقال أن المجموعات المهاجمة، لم تواجه مقاومة تُذكر، خلال تقدمها نحو حلب، وتقول التقارير أن هذه المجموعات احتلت لحد الان مناطق واسعة من حلب.

وذُكر أن الهدف من العملية، هو إعادة السيطرة على مناطق في حلب وإدلب وحماة وغيرها وكذلك إعادة مليون نازح سوري إلى هذه المناطق. لكن من المستبعد أن يتم الاكتفاء بهذا الهدف، إذ تذهب بعض مصادر المعارضة، إلى أن الهدف الأهم يتمثل في إخراج القوات الايرانية والحليفة لها من سوريا.

ويعود هذا الهجوم فضلا عن عوامله الداخلية التي تضرب بجذورها في الحرب الأهلية التي اندلعت في سوريا منذ عام 2011، إلى عاملين خارجيين، الأول، انشغال حزب الله في حرب لبنان وتراجع وجوده ونفوذ عملياته في سورية، وانشغال روسيا في الحرب الأوكرانية واشتداد حدة الأزمة الاقتصادية في المناطق التي تخضع لسيطرة الدولة السورية وأثرها على تراجع إرادة الجيش السوري للقتال.

ويضيف كاتب المقال أن العامل الثاني هو “على الأرجح” وجود اتفاق دولي لتضييق الخناق على الوجود العسكري الايراني وحلفائها في سوريا وإنهائه. وفي هذا الخصوص، قد تكون المصالح بين أمريكا واسرائيل وتركيا وروسيا قد التقت في سوريا من غير قصد.

ولا تتوفر في الوقت الحاضر، إمكانية التواطؤ بين أمريكا بايدن وروسيا، لكنه ليس مستبعدا وجود اتفاق في هذا الخصوص بين روسيا واسرائيل من جهة، وتركيا و روسيا من جهة أخرى.

ويرى صاحب المقال أن الموقف الروسي في التصدي لعمليات المعارضة السورية، لم يعد كالسابق، ومن المستبعد، أن يكون السبب، تورط روسيا في الحرب مع أوكرانيا. ولم ترق الغارات الجوية الروسية للحد من تقدم المهاجمين إلى المستوى المنشود “لحد الان.”

وتابع: أن ما يزيد الشكوك حول دور روسيا في هذه الخطة الإقليمية والدولية المحتملة، هو انسحاب قواتها من تل رفعت شمالي حلب ومنطقة معصران شرقي إدلب.

كما أن التصريحات  التي أدلى بها الناطق باسم الكرملين افتقدت إلى الحزم كما يجب إزاء هجمات القوات المعارضة، إذ قال إن هذه الهجمات، تنتهك السيادة السورية، متحدثا عن دعم بلاده لإقرار الأمن في هذه المنطقة، داعيا الحكومة السورية لاستعادة منطقة حلب، ليرمي بذلك الكرة في الملعب السوري؛ في حين أنه إن كان الجيش السوري قادرا على القيام بذلك بمفرده، لما كانت هذه المنطقة تسقط بهذه السرعة ومن دون مقاومة تُذكر.

وخضعت روسيا خلال الأشهر الأخيرة، لضغوط من جهتين؛ الأولى من تركيا التي حاولت التقرب من الحكومة السورية وعقد لقاء بين اردوغان والأسد، لكنها قوبلت بمعارضة الأسد، ولم تستطع روسيا، فعل شيء في هذا المجال، وكانت متخوفة من المزيد من التقارب بين دمشق وطهران.

ومن جهة أخرى، اسرائيل التي إضافة الى غاراتها اليومية على سوريا والتهديد باغتيال بشار الأسد، مارست الضغط على روسيا أيضا لإقناعها بالابتعاد بشكل كامل عن ايران. وشكل ذلك أحد أهداف الزيارة الأخيرة لوزير الشؤون الاستراتيجية الاسرئيلي رون ديرمر إلى روسيا.

وقال كاتب المقال أن الزيارة الأخيرة للأسد إلى موسكو، لم تكن بمنأى عن هذا الحراك. وقد حاول الأسد خلال السنة الأخيرة في ظل صمت خاص تجاه حرب غزة ولبنان، أن يتخطى هذه الضغوط بطريقة أو بأخرى، لكنه يبدو أنه ما يُطلب منه اليوم، هو إعلان  الانفصال التام عن ايران.

وأضاف أن الرئيس السوري، يقف اليوم أمام مفترق طرق مصيري، كما أن تطورات حلب وإدلب، تضاعف الضغوط. وفي ، فان احتمال اغتياله أو وضعه جانبا، ازدادت أكثر من ذي قبل.

غير أن هذه التطورات، لا تفضي إلى  تراجع النفوذ الروسي في سوريا؛ بدليل أن المخططين الرئيسيين للسياسة في سوريا، هم لاعبون أجانب، لا الحكومة السورية، ولا معارضيها. وعليه، فان كانت روسيا، قد تواطأت خلف الكواليس وبشكل منفصل مع تركيا واسرائيل، فان بوسعها مستقبلا، لعب دور أكبر في سوريا بوصفها الحليف الوحيد لدمشق من دون وجود قوي للمنافس الايراني.

كما أن عودة ترامب إلى البيت الأبيض، تزيد من إحتمالات جعل الوجود الايراني في سوريا، أداة للمساومة. وإن كانت المنطقة متخوفة في السابق، من الاتحاد الرباعي بين ترامب ونتنياهو وبن سلمان وبن زايد، فانها ستواجه في المستقبل “على الأرجح” مثلث ترامب – بوتين – نتنياهو.

ويؤكد كاتب المقال، أن ما أتى على ذكره إلى الأن، هو قراءة أولية لبعض الإرهاصات والمؤشرات ولمعرفة الموقف الروسي الحقيقي بشكل أفضل، لا بد من الانتظار وترقب ما ستشهده الأيام  المقبلة من تطورات.

وخلص الكاتب إلى القول، أنه لا بد من القول أن تركيا، سواء كانت قد أعطت الضوء الأخضر لهذا الهجوم، أو وافقت عليه، فان هدفها، ليس الانتقام البحت من الأسد على خلفية مواقفه الأخيرة، بل أن الهدف الاخر هو على الأرجح التهيؤ لحراك ضد الحكم الذاتي الكردي في مستقبل ليس ببعيد، ولعل انسحاب القوات الروسية من تل رفعت، يشكل “توطئة ومدخلا” لذلك.
يُذكر أن هيئة تحرير الشام، تشكلت في كانون الثاني/يناير 2017 من دمج أكثر المجموعات السلفية والتكفيرية تطرفا بما فيها جبهة النصرة. وغيّرت جبهة النصرة، بعد انفصالها عن القاعدة عام 2016 تسميتها إلى فتح الشام، ومن ثم هيئة تحرير الشام.

وتبلور مصير هذه المجموعة، في أيلول/سبتمبر 2018 بمدينة سوتشي الروسية، في ضوء اتفاق بين روسيا وتركيا. وتم الاتفاق في هذا الاجتماع على أن تنتشر هذه المجموعة بمدينة إدلب السورية، بوصفها منطقة خفض التصعيد. وهو الاجتماع الذي لم تحضره ايران، على عكس اتفاق أستانة في أيار/مايو 2017 بين ايران وروسيا وتركيا. وتم في اجتماع سوتشي في الحقيقة الاتفاق على أن تبقى هيئة تحرير الشام في إدلب في أمن وأمان.

انتهى

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *