يواصل الجيش الإسرائيلي عدوانه على لبنان، مستهدفاً العديد من البلدات والقرى الجنوبية، إضافة إلى ضاحية بيروت الجنوبية ومناطق البقاع وبلدات أخرى، وسبب ذلك نزوح أعداد كبيرة من سكانها نحو مناطق أخرى، من أبرزها مدينة صيدا. ويؤكد النائب عبد الرحمن البزري أن عدد من نزحوا إلى صيدا وضواحيها يقترب من سبعين ألف شخص، وقد توزعوا على 23 مركز إيواء، إضافة إلى الأشخاص الذين يعيشون لدى أقاربهم في المدينة وفي المخيمات الفلسطينية، وفي بيوت مستأجرة.
نزح حسين عامر من منطقة القلَيْلة في قضاء صور إلى أحد مراكز الإيواء في مدينة صيدا. ويقول: “غادرنا بيوتنا مسرعين بسبب العدوان الإسرائيلي على الجنوب، ولم نستطع اصطحاب ملابسنا، ولا حتى أوراقنا الثبوتية، وعندما وصلنا إلى صيدا، توجهنا نحو البلدية، وسجلنا أسماءنا، ثم انتقلنا إلى مركز الإيواء. وفر لنا المسؤولون عن المركز الفرش والأغطية، كما أنهم يؤمنون لنا وجبة يومية، لكن جودتها سيئة، وقليلاً ما نحصل على طعام جيد”.
يتابع عامر: “قبل أيام، قدمت لنا إحدى الجمعيات بطانيات، وصورونا ونحن نستلمها، ثم أخذها القائمون على المركز منا، وأعطونا أغطية صوفية خفيفة، لكنها لا تدفئنا في ظل برودة الطقس، كما أننا ننام على الأرض، وليس هناك فرش أو سجاد. يمكننا أن نتحمل البرد، لكن كيف يتحمله الأطفال؟ نحتاج إلى ملابس شتوية، والبعض كان معهم بعض المال، فاشتروا بعض الملابس، لكنها لا تكفي، والغالبية يحصلون على ملابس من أناس يقدمون بالمجان، كما نحتاج إلى مدفأة، وقد وفروا لنا سخان مياه يعمل بالغاز، لكنه ليس عمليّاً، ولم نستطع تشغيله”.
يضيف: “لا أعمل حالياً، ولو وجدت عملاً لعملت لأنني لم أعد أملك المال، وأولادي بحاجة إلى أمور كثيرة. أكثر ما نحتاجه حالياً هو الطعام والتدفئة، فالطعام المقدم لا يؤكل، ونستفيد فقط من اللبن. عندي خمسة أولاد، ونعيش في غرفة تضم ستة عشر شخصاً، وأولادي يحتاجون إلى المياه الساخنة ليستحموا، وإذا استحموا بالمياه الباردة سيمرضون، وقد اشتريت بما تبقى معي من مال بعض الغاز، كما نعاني من سوء الحمامات، وتكلمت مع المعنيين لكن من دون نتيجة”.
وتقول ليلى فتوني النازحة من منطقة برج رحال، شرق مدينة صور: “خرجنا من بيوتنا بلا شيء، والملابس التي كنا نرتديها كانت صيفية، وبعد نحو شهرين على النزوح دخلنا فصل الخريف، وبدأنا نشعر بالبرد خلال الليل، ونحتاج إلى كل ما يتعلق بالتدفئة من ملابس وبطانيات وسجاد. قدم لنا المركز بطانيات خفيفة، لكننا بحاجة إلى بطانيات أفضل، كما نحتاج إلى مدافئ، فالغرفة بادرة، ودائماً أشعر بالزكام”.
بدوره، يؤكد النازح محمد خليل بنجاك: “كنت أعمل تاجراً في صور، وعندي محلات، ولم أكن بحاجة إلى أحد، لكن الظروف تغيرت بسبب النزوح. نزحنا قبل أكثر من خمسين يوماً إلى أحد مراكز الإيواء في صيدا، ونحن بحاجة إلى كل مقومات الحياة، فمعنا أطفال، ويحتاجون إلى التدفئة، كما نحتاج إلى ملابس شتوية، ولم يقدم لنا أي أحد أي شيء، وكنا ننتظر مساعدتنا بمبالغ مالية حتى نستطيع شراء ما نحتاجه. نشتري طعامنا، والمال الذي معي يكاد ينفد. كما أننا بحاجة إلى مياه ساخنة للاستحمام، علماً أن المسؤولين عن المركز أمنوا لنا سخاناً يعمل على الطاقة الشمسية، لكنه لا يكفي، خاصة أن الطقس بات بارداً، وفي كل مبنى يوجد أكثر من ثمانين شخصاً”.
وتقول النازحة من منطقة كفركلا، قضاء مرجعيون في محافظة النبطية، شادية يحيى: “يميل الطقس إلى البرودة، خاصة في المساء، لذا نحتاج إلى حرامات، وثياب شتوية، ومواد تدفئة. ننام على شرشف، ونشعر بالبرد، لكن ما الذي نستطيع فعله؟ كان عندي قارورة غاز نسخن من خلالها المياه، لكنها فرغت قبل شهر، وطالبنا بشراء أخرى، ولم يستجب لنا أحد، واتفقنا على أن نجمع المال من العائلات لشراء قارورة جديدة، لكن مسؤولي المركز رفضوا. في السابق كنا نضع غالونات المياه تحت أشعة الشمس لتسخن، أما اليوم فقد تغير الطقس، ولن تنفع هذه الطريقة”.
ويشير إبراهيم شهاب، النازح من مدينة النبطية، إلى أنه وزوجته يمكنهما تحمل البرد، لكن لا يتحمله أطفالهما الصغار، وهم بحاجة إلى التدفئة. يضيف: “نزحنا مسرعين تاركين كل شيء من وراءنا، أعمالنا وأموالنا وبيوتنا، ونتمنى أن نعود إلى النبطية، لكن بما أننا نازحون فنحن بحاجة إلى كثير من الأشياء، على رأسها وسائل التدفئة”.
وکالات
انتهی.
التعليقات