قال عالم النفس في جامعة أريزونا الأمريكية، ديفيد تسو، إنّ: “الاسم يشكّل ركيزة أساسية للغاية للتصور الذي يكوّنه المرء عن ذاته، خاصة على صعيد علاقاته بالآخرين؛ وذلك لأنه يُستخدم لتعريف الفرد والتواصل معه بشكل يومي”.
وأضاف تسو، الذي يجري دراسات حول ما يُعرف بعلم النفس المتعلق بالأسماء، أن “هناك الكثير من العوامل التي تحدد طبيعة شخصية كل منّا؛ من بين ذلك، أمور ذات صلة بجيناتنا، بجانب التجارب التي نخوضها وتُساعد على تكوين خبراتنا وشخصيتنا، فضلا عن دور من نقضي وقتنا معهم، علاوة على ما ينجم عن الأدوار، التي نضطلع بها في الحياة الشخصية والمهنية”.
وأوضح أن الاسم: “يُخلّف تأثيرا شخصيا للغاية، يُفرض علينا عادة من الميلاد وحتى الممات، ما لم نتكبد عناء تغييره. ولعل هذا ما حدا العالم غوردون أولبورت، أحد مؤسسي علم نفس الشخصية، للقول في عام 1961؛ إن اسم المرء يظل الدعامة الأهم، لهويته الذاتية طيلة حياته”.
وأبرز أن: “الأسماء من شأنها أن تكشف -على مستوى أولي- تفاصيل عن العرق الذي ينتمي إليه المرء، أو جوانب أخرى ترتبط بخلفيته، وهو ما ينطوي على تبعات حتمية، في عالم يحفل بالانحيازات القائمة على العوامل ذات الصبغة الاجتماعية”.
وفي السياق نفسه، كشفت دراسة أمريكية، أُجريت في أعقاب هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر 2001، أنّ: “السير الذاتية التي احتوت على أسماء تبدو عربية، كانت أقل فرصا خلال عمليات التوظيف، من نظيرتها المماثلة لها تماما في البيانات، والتي أوحت الأسماء الواردة فيها، بأن أصحابها من الأمريكيين بيض البشرة”.
وأبرزت الدراسة نفسها، أن “ذلك شكّل أمرا مجحفا على الكثير من المستويات، خاصة أن الأسماء يمكن أن تمثل مؤشرا لا يمكن الوثوق في دقته، في ما يتعلق بما تكشفه عن خلفية أصحابه”.
وأكدت: “التأثيرات المترتبة على الأسماء، لا تقتصر على كونها تشي بجانب من التفاصيل الخاصة بالخلفية العرقية أو الدينية أو الثقافية لمن يحملونها. فحتى بين أبناء الثقافة الواحدة، يمكن أن تنقسم الأسماء بين شائعة ونادرة، وقد تحمل كذلك في طياتها دلالات إيجابية أو سلبية وفقا لمعانيها”، مردفة: “بالتأكيد، تؤثر الصفات التي تنطوي عليها أسماؤنا، على الكيفية التي يعاملنا بها الآخرون، وطبيعة شعورنا نحن، حيال أنفسنا أيضا”.
بدورها، كانت عالمة النفس الأمريكية، جين توينغي، قد أجرت دراسة، في العقد الأول من القرن الجاري، كشفت عن أنّ: “من لا تروق لهم أسماؤهم، تتدنى قدرتهم على التوافق النفسي على الأرجح، وذلك مع تثبيت العوامل الأخرى المرتبطة بالخلفية الأسرية، والإحساس بعدم الرضا عن الحياة بوجه عام”.
وأبرزت توينغي والباحث الذي شاركها إعداد هذه الدراسة، أنّ: “العجز عن التوافق النفسي بشكل كامل في هذه الحالة، يعود إما لأن قلة الثقة في النفس واحترام الذات التي يعاني منها هؤلاء، جعلتهم يكرهون أسماءهم، أو لأن بُغضهم لهذه الأسماء أسهم في افتقارهم للثقة في أنفسهم، باعتبار أن الاسم يشكل رمزا للذات، بالنسبة لكل منّا”.
أيضا، نشرت دراسة ألمانية، خلال عام 2011، وسُئِلَ خلالها مستخدمو أحد مواقع المواعدة، عمّا إذا كانوا سوف يمضون قدما على طريق مواعدة مستخدمين آخرين، بناء على أسمائهم من عدمه.
ووجد الباحثون القائمون على الدراسة، أن الأشخاص الذين يحملون أسماء اعتُبِرَت في ذلك الوقت لا تساير العصر أو الموضة، مثل كيفِن، كانوا أكثر عرضة للرفض، وذلك مقارنة بآخرين كانت أسماؤهم، تبدو ذات طابع عصري أكبر حينذاك، كـ”ألكسندر”.
وكشفت دراسة أخرى أُجريت في ألمانيا أيضا، أن أفراد عينة البحث، كانوا أقل استعدادا لمساعدة الغرباء عنهم إذا كانوا يحملون أسماء ذات تصنيف سلبي، مقارنة بأولئك الذين تُصنّف أسماؤهم إيجابيا.
وبحسب الدراسة، كان سيندي وشانتال أكثر الأسماء التي صُنّفت سلبيا، بينما تم تصنيف صوفي وماري، على أنهما أكثر اسمين حظيا بتصنيف إيجابي. فيما أشارت دراسة أخرى، إلى أضرار أن يكون للمرء اسم يتسم بطابع سلبي أو لا يحظى بالشعبية والجماهيرية.
وعلى الرغم من أن الدراسات التي أُجريت حتى الآن، تتمحور حول التبعات السلبية المحتملة لأن يكون للمرء اسم لا يحظى بالشعبية أو ذو طابع سلبي، فإن بعض النتائج التي تم التوصل إليها خلال الآونة الأخيرة، أشارت أيضا إلى إمكانية وجود فوائد كذلك للأسماء.
إثر ذلك، إذا كان اسمك يُنطق بشكل أيسر ويتدفق على الألسنة بشكل أكبر، مقارنة بأسماء أخرى تبدو ثقيلة على اللسان، سوف يعني ذلك أن الناس سوف يميلون لأن يحكموا عليك مسبقا بأنك صاحب شخصية ودودة وأكثر قبولا، بكل ما قد يعود به عليك ذلك من منافع.
وبحسب دراسة أجراها العالم ديفيد تسو وزملاؤه في جامعة أريزونا ستيَت، فإنه قد يؤدي حملك لاسم غير معتاد، إلى جعلك مبدعا بشكل أكبر وذا عقلية أكثر تفتحا. يقول تسو: “الأسماء الشائعة وغير الشائعة لها فوائد وعيوب، لذا يتعين على من ينتظرون أطفالا، أن يكونوا واعين بهذه الإيجابيات والسلبيات، بغض النظر عن نوع الاسم الذي سوف يمنحونه لطفلهم”.
*عربي21
انتهى
التعليقات