لقد وضعت جماعة طالبان منذ أن أعادت سيطرتها على أفغانستان قبل أكثر من ثلاث سنوات، قيودا واسعة على الحقوق والحريات الدينية للشيعة الأفغان، إذ تتحدث تقارير عديد عن السلوك “التمييزي” لهذه الجماعة ضد الشيعة.
وفضلا عن القيود على الحقوق والحريات الاساسية ضد الشيعة، واصلت طالبان ممارسة الضغوط السياسية والعسكرية عليهم أيضا.
وتفيد تقارير حقوق الانسان ومجلس الأمن الدولي أن الشيعة الهزارة في أفغانستان، كانوا خلال السنوات الثلاث هذه، هدفا للمزيد من القيود و “السلوك التمييزي” من قبل طالبان.
ووثقت تقارير الأمم المتحدة، الإجراءات العسكرية لطالبان ضد الشيعة والاعتقالات العشوائية للنشطاء الشيعة ومنع تدريس الفقه الشيعي وحظر نشر وإصدار عدد من كتب الشيعة وتقييد المراسم الدينية للشيعة من قبل طالبان.
كما وثقت هذه التقارير، إخفاق طالبان في توفير الأمن للشيعة واستمرار الهجمات الإرهابية القاتلة ضدهم.
لكن وعلى الرغم من الانتقادات الواسعة، ما زالت طالبان تواصل ضغوطها ضد الشيعة في مناطق مختلفة من أفغانستان وبأساليب منوعة.
اعتقال ناشط تعليمي في هرات
وفي أحدث إجراءاتها ضد الشيعة الأفغان، ألقت طالبان القبض على عبد القدوس ياسين زادة، أحد الوجوه المعروفة للشيعة في هرات غربي أفغانستان.
وأبلغت مصادر محلية، مراسل أن طالبان تحتجز ياسين زادة في سجن استخبارات طالبان في هرات منذ ثلاثة أسابيع.
يُذكر أن عبد القدوس ياسين زادة، مؤسسة مجموعة مدارس “رسالت” الخاصة في هرات، ويعمل منذ سنوات في مجال التعليم غربي أفغانستان.
ويتلقى المئات من التلامذة من البنات والبنين التعليم في هذه المدارس ، كما يتم التعاون مع الكثير من الأسر المعوزة.
كما أن السيد ياسين زادة، هو المدير المسؤول لمجمع “سبهر انديشة” الثقافي الذي كان يصدر مجلة “ألفباء” التعليمية للأطفال والتلامذة.
وليس واضحا بعد، ما الأسباب التي لجأت إليها طالبان للقبض على هذا الناشط التعليمي الشيعي، فيما لم يفصح مسؤولو هذه الجماعة حتى الأن عن أي أسباب في هذا المجال.
وقال عدد من النشطاء الشيعة ممن يتابعون قضية اعتقال ياسين زادة، لمراسل أنه كان مقررا أن يُطلق سراحه في أواخر الأسبوع الماضي، بيد أن طالبان تراجعت عن وعودها من دون سبب، ولم تخل سبيله.
السلوكات التمييزية ضد الشيعة بولاية غور
ويقول سكان المناطق الشيعية بولاية غور بوسط أفغانستان أن “السلوك التمييزي” لطالبان قد تزايد ضدهم خلال الأشهر الأخيرة.
وقال عدد من سكان مدينة لعل وسرجنكل بولاية غور لمراسل أن طالبان تقوم “لذرائع وأسباب مختلفة” بـ “إيذاء وإزعاج واعتقال” الشيعة الهزارة في هذه المدينة.
ويضيف هؤلاء أن طالبان حظرت بيع المحاصيل الزراعية لسكان هذه المدينة إلى سكان المناطق الأخرى، وإن قام أحد بذلك، فانه سيُعاقب بغرامية مالية أو التعرض “الضرب” على يد طالبان.
ويقول هؤلاء السكان أن الكثير من المحاصيل الزراعية لهذه المدينة مخصصة للتصدير لسائر المناطق، وان الأهالي يوفرون نفقات عيشهم من خلال هذه المبيعات، لكن ومع منع طالبان بيعها، فان معظم هذه المحاصيل الزراعية تتلف ويواجه الناس العديد من المشاكل لتوفير نفقات عيشهم.
ويشكو أهالي هذه المدينة من تصرفات قوات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التابعة لطالبان.
ويقولون أن هذه القوات، تقوم بإغلاق سوق مدينة لعل وسرجنكل لأكثر من ساعة واحدة يوميا، وتعطل المحال التجارية وتطالب أصحابها بالذهاب إلى المساجد لتأدية الصلاة.
ويضيفون أن طالبان تسعى بذريعة الصلاة لنشر أفكارها وإيديولوجيتها بين الناس، ودعوتهم بصورة غير مباشرة لاتباع عقائدها وأفكارها، في حين أنها تعرف جيدا أن أهالي هذه المدينة هم من الشيعة، ولهم عقائدهم وأفكارهم.
ويقول أهالي مدينة لعل وسرجنكل أن صاحب أي محل تجاري، لا يحق لهم فتح محله التجاري أو مغادرة المسجد قبل أن ينتهي خطيب طالبان من خطبته التي يدلي بها بعد الصلاة.
كما أن ضغوط طالبان على سائر المناطق الشيعية في أفغانستان مستمرة، وتسعى هذه الجماعة وبأنحاء مختلفة، لتقييد الشيعة من الافادة من حقوق المواطنة وحرياتهم الدينية.
انتهى
التعليقات