تدهور الاقتصاد الإسرائيلي.. الأسباب والتداعيات

ذكر تقرير وكالة أسوشيتد برس أن الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان تسببت في خسائر بشرية فادحة، وستكون لها تكلفة مالية ضخمة على الاقتصاد الإسرائيلي على المدى الطويل. ويظهر التقرير أن الإنفاق العسكري قد زاد بشكل كبير، خاصة في المناطق الحدودية التي تم إخلاؤها بشكل خطير. ويقول اقتصاديون إن إسرائيل قد تواجه انخفاض في الاستثمار وزيادة في الضرائب، في حين تستنزف الحرب ميزانية الحكومة، مما يجبرها على اتخاذ قرارات صعبة بشأن الإنفاق على البرامج الاجتماعية مقابل تمويل الجيش.

ويظهر تقرير نشره معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام أن الحكومة الإسرائيلية كانت تنفق نحو 1.8 مليار دولار شهريا على الجيش قبل 7 أكتوبر 2023، وارتفعت هذه التكلفة إلى 4.7 مليار دولار شهريا بنهاية العام الماضي. وفي عام 2023، أنفقت إسرائيل 27.5 مليار دولار على جيشها، لتحتل المرتبة 15 في العالم من حيث الإنفاق العسكري.

وكان للصراع تأثير سلبي على النمو الاقتصادي في إسرائيل، حيث انخفض الناتج الاقتصادي الإسرائيلي بنسبة 5.6 في المائة في الأشهر الثلاثة التي تلت الحرب، وهو أسوأ أداء بين دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. كما تأثر الاقتصاد الفلسطيني بشدة، حيث تضرر اقتصاد غزة والضفة الغربية بشدة، وفي الضفة الغربية، فقد آلاف العمال الفلسطينيين وظائفهم في إسرائيل، مما أدى إلى انكماش الاقتصاد بنسبة 25 بالمائة في الربع الأول من السنة.

باختصار، تفرض الحرب أعباء إضافية على الاقتصاد الإسرائيلي، بما في ذلك انخفاض المعروض من العمالة بسبب التجنيد الإجباري والمخاوف الأمنية التي تمنع الاستثمارات الجديدة. ومن ناحية أخرى، أدى تعطل الحركة الجوية إلى انخفاض أعداد السياح، مما أثر سلبا على قطاع السياحة.

هروب شركات الاستثمار

وبحسب تقرير إيكوبيديا؛ وبحسب البيانات المنشورة، فقد انخفضت استثمارات عدد من الشركات الأوروبية في إسرائيل، بالإضافة إلى ذلك، خفضت بعض الشركات المالية استثماراتها في الشركات المرتبطة بإسرائيل والشركات التي لها علاقات مباشرة أو غير مباشرة مع إسرائيل. ويتزامن هذا التوجه مع تزايد الضغوط التي يمارسها الناشطون والعديد من الحكومات لإنهاء الحرب في غزة. وتأتي هذه الإجراءات في إطار التزام العديد من البنوك وشركات التأمين بالأهداف المستدامة.

وبحسب تقرير منظمة “باكس” الهولندية غير الحكومية، فإن بنك “يونيكريديتو” الإيطالي يعد من بين المؤسسات التي أدرجت إسرائيل في قائمة “الدول المحظورة” منذ تصاعد الصراع في أكتوبر 2023. ويمثل هذا القرار استمرارا لسياسة البنك الدولي المتمثلة في حظر تمويل صادرات الأسلحة إلى الدول المشاركة في الصراع، وهو ما يتجاوز النهج الذي تتبعه إيطاليا فيما يتعلق بصادرات الأسلحة إلى إسرائيل. وامتنع بنك يونيكريديتو ووزارة المالية الإسرائيلية عن التعليق على القرار.

كما سحبت شركة إدارة الأصول النرويجية Storebrand وشركة التأمين الفرنسية AXA بعض استثماراتهما في الشركات الإسرائيلية، بما في ذلك بعض البنوك. وتظهر سياسة الشركات الأوروبية في إسرائيل أن عددا من الشركات المالية تحاول تعديل سياساتها الاستثمارية تجاه إسرائيل.

وأوضح مارتن رونر، المدير التنفيذي للتحالف العالمي للخدمات المصرفية القيمة، أن هناك تغيرا ملحوظا في سياسات الشركات المالية فيما يتعلق بعملية الاستثمار لتتوافق مع مبادئ التنمية المستدامة، كما أن الاستثمار في صناعة الأسلحة يتعارض مع هذه المبادئ. وفي تقريره السنوي لعام 2023، أزال “ستوربراند” 24 شركة، بما في ذلك شركات إسرائيلية مرتبطة بالمستوطنات الإسرائيلية، من سلته الاستثمارية. كما سحبت الشركة حوالي 24 مليون دولار من استثمارها في شركة Palantir الأمريكية، التي توفر التكنولوجيا للجيش الإسرائيلي، مما أثار مخاوف بشأن حقوق الإنسان.

كما أعلن صندوق الاستثمار الاستراتيجي الإيرلندي عن بيع أسهم ست شركات إسرائيلية، من بينها بنوك إسرائيلية كبرى، بسبب تعارض هذه الاستثمارات مع معايير الصندوق. وأوضح الصندوق، الذي تبلغ قيمته 15 مليار يورو، أن المخاطر المرتبطة بهذه الاستثمارات تتعارض مع معاييره الاستثمارية. ومن ناحية أخرى، من المرجح أن يحذو صندوق الثروة السيادية النرويجي ــ وهو الأكبر في العالم بقيمة 1.8 تريليون دولار ــ حذوه.

وتخضع الاستثمارات في البنوك الإسرائيلية أيضا لتدقيق متزايد، حيث أدرجتها الأمم المتحدة عام 2020 على أنها شركات مرتبطة بالمستوطنات الإسرائيلية، مشيرة إلى تأثيرها السلبي على الحقوق الفلسطينية. وفقا لدراسة أجرتها شركة الأبحاث بروفوندو، باعت شركة التأمين أكسا معظم حصتها في البنوك الإسرائيلية، واحتفظت فقط بحصة صغيرة في بنك لئومي. وأكد متحدث باسم شركة أكسا أن قائمة الأمم المتحدة هي مرجع لقرارات الاستثمار.

وقال ريتشارد بورتيس، أستاذ الاقتصاد في كلية لندن للأعمال، إن إسناد سياسات الاستثمار في ظل الصراعات الدولية من المرجح أن يكون مثيرا للجدل، مشددا على ضرورة توضيح هذه السياسات من قبل الحكومات. وتعرضت شركات أخرى، مثل بنك باركليز البريطاني في إنجلترا، لضغوط كبيرة، مما دفعها إلى وقف بعض أنشطتها. وبحسب تقرير فايننشال تايمز، فإن البنك يدرس الآن إمكانية وقف بيع سندات الحكومة الإسرائيلية بعد خروجه من قائمة أكبر 5 بائعين للسندات الإسرائيلية في الربعين الثاني والثالث من العام الجاري.

وشهد الاستثمار الأجنبي المباشر في إسرائيل تراجعا كبيرا، حيث أظهرت بيانات الأونكتاد انخفاضا بنسبة 29% في عام 2023، وهو أدنى رقم منذ عام 2016. ويعود هذا الانخفاض إلى الضغوط المتزايدة من الناشطين والمجتمع الدولي، مما يخلق تداعيات على الشركات المالية بشأن الاستثمار في السوق الإسرائيلية.

أسباب انخفاض الاستثمارات الأوروبية

ووفقا للخبراء، تواجه إسرائيل انخفاضا واضحا في الاستثمارات الأوروبية، وهناك عدة أسباب لهذا الأمر. أولا، من الناحية السياسية، لا يمكن تجاهل التوترات الأمنية الحالية في المنطقة، والتي تؤثر بقوة على بيئة الأعمال. ثانيا؛ تلعب سياسات إسرائيل، وخاصة فيما يتعلق بالبناء في مستوطنات الضفة الغربية، دورا مركزيا في هذا التراجع، حيث تعتبر العديد من الدول الأوروبية والشركات الكبرى هذه السياسات غير قانونية بموجب القانون الدولي، مما يجعلها مترددة في الاستثمار.

كما أن هناك تغييرات في أولويات المستثمرين الأوروبيين. وبدأت الدول الأوروبية، بعد الأزمات الاقتصادية الأخيرة، في التركيز بشكل أكبر على أسواقها المحلية أو الأسواق الأخرى التي تتمتع بمزيد من فرص النمو، كما أدى التوجه نحو أسواق جنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية إلى إخراج بعض الاستثمارات من منطقة الشرق الأوسط.

ويمر الاقتصاد الأوروبي بفترة من الركود والتضخم حيث أصبحت الشركات أقل قدرة على قبول المخاطر، مما دفعها إلى إعادة تقييم استثماراتها الأجنبية. وفي هذا السياق، لم تعد إسرائيل تشكل أولوية كما كانت في الماضي. وعلى الرغم من أن إسرائيل تعد إحدى الدول الرائدة في قطاع التكنولوجيا، إلا أن ظهور أسواق منافسة مثل الهند والصين، والتي توفر بيئات استثمارية أكثر جاذبية وأسواقا أكبر، ساهم أيضا في تقليل تدفقات الاستثمار الأوروبية. وبشكل عام، يعود انخفاض الاستثمار الأوروبي في إسرائيل إلى تدخل العوامل السياسية والاقتصادية والإقليمية، مما يجعل السوق الإسرائيلي أقل جاذبية للمستثمرين الأوروبيين.

خفض التصنيف الائتماني لإسرائيل

وشككت مؤسسة موديز المالية في تقديرات وزير المالية الإسرائيلي، حيث تتوقع أن يصل عجز الموازنة إلى 6 في المائة العام المقبل، مما يؤدي إلى خفض التصنيف الائتماني لإسرائيل. وفي سياق متصل، أشارت محافظ بنك إسرائيل السابق كارنيت فلوج إلى أن خفض التصنيف الائتماني لإسرائيل سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض، مما يعني أن الإسرائيليين قد يواجهون انخفاض في الخدمات العامة وارتفاع الضرائب. وأنفقت الولايات المتحدة أكثر من 17.9 مليار دولار كمساعدات عسكرية لإسرائيل منذ بداية الحرب، مما أدى إلى تصعيد الصراعات في جميع أنحاء الشرق الأوسط. 

المصدر: موقع بازار

————————

المقالات والتقارير المنقولة تعبر عن وجهة نظر مصادرها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع

————————–

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *