وفي عام 2006، وأثناء وجود “السنوار” في سجون الاحتلال الإسرائيلي، سأله صحفي إسرائيلي في مقابلة بثتها القناة الثانية الإسرائيلية: “هل تقبل بهدنة طويلة تصل إلى 40 عامًا مع إسرائيل؟” ومن المدهش عندما قال: «نعم، نريد السلام».
سؤال حاول «السنوار» الإجابة عليه
وبعد حوالي 5 سنوات من هذا الرد، تم إطلاق سراح يحيى السنوار من السجن في صفقة تبادل أسرى عرفت بصفقة “جلعاد شاليط” عام 2011، ومنذ ذلك التاريخ بدأ رحلة صعوده ليصبح الرجل الأهم في الحركة الاسم المرعب لدولة الاحتلال، نجا بعدها من محاولة اغتيال، بعد أن خطط وتنظيم الصفوف حتى لفظ أنفاسه الأخيرة «بالصدفة» وهو يحمل بندقيته ويقاتل. وطوال هذه الرحلة، لم يجد السنوار إجابة على السؤال الذي أشار إليه الصحفي الإسرائيلي: “متى تنتهي الحرب بهدنة طويلة؟”
نهاية الحرب ومنح الحياة لأطفال فلسطين كان أكثر ما يفكر فيه السنوار منذ طفولته، بعد الحياة الصعبة التي عاشها، وكان يحكيها دائمًا لرفاقه الذين كان بعضهم بجواره سجن. عندما أمضى في سجون الاحتلال الإسرائيلي عقدين من الزمن، كما يذكر عصمت منصور، الباحث في الشأن الإسرائيلي والأسير السابق المنتمي إلى الجبهة الديمقراطية، والذي لا ينسى الأحاديث المستمرة لزعيم حماس. معاناته منذ طفولته في مخيمات اللاجئين.
رحلة صعبة في مخيمات اللاجئين
«الطوابير الطويلة.. الجوع والبرد» كلمات تصف حال «الفتى يحيى السنوار» منتصف ستينيات القرن الماضي، كما يقول «عصمت» في حواره مع «الوطن». وكانت الطفولة الصعبة التي عاشها رفيقه في مخيم خان يونس للاجئين جنوب غزة هي السبب وراء تحوله بعد ذلك: لم يكن لديه أحلام شخصية وكان يفكر دائمًا في إنقاذ الفلسطينيين من حياة الحرب والاحتلال.
“الآن يعيش أطفال غزة حياة تشبه ما عاشه السنوار في طفولته، وربما أكثر قسوة، حياة كان لها تأثير كبير على السنوار”، بحسب “عصمت”، الذي أكد أن ملامح وجه رفيقه لقد كانوا قاسيين، ولم تكن لديه ثقة كبيرة في الآخرين، ولم يكن يهتم إلا بالنضال والقضية الفلسطينية والاحتلال.
وما يظهره خطاب رفيق السنوار هو ما قاله زعيم حركة حماس نفسه، خلال لقاء مع الصحفية الإيطالية فرانشيسكا بوري في أكتوبر 2018: “هل تعتقد أن هذه حياة سهلة؟ فلنبدأ أولاً بوقف إطلاق النار، ولنمنح أطفالنا الحياة التي لم نعيشها من قبل. “بحياة مختلفة، يمكنك بناء مستقبل مختلف.”
حلم “السنوار” الكبير.
الحلم الكبير الذي راود “السنوار” طوال حياته بانتهاء الحرب جعل شخصيته عملية وطريقة تفكيره مرتبطة بتضاريس الواقع، بعيدة عن الشعارات والأحلام، بحسب وصف “عصمت”. مما يدل على أن العمل الأمني يذهل الإنسان، ومن يمارس هذا الدور تتشكل حوله هالة. الغموض والهيبة هما ما جعلا السنوار قائدا أرهب الاحتلال لسنوات.
جانب آخر من حياة “السنوار” يرويه رفيقه، قائلاً إنه شخص اجتماعي، ليس منطوياً ولا منعزلاً، ليس معقداً ولا أيديولوجياً، وفي الوقت نفسه متدين، يصلي كثيراً ويحفظ القرآن. والأحاديث. من سمات شخصيته المبادرة، لكن ثقته بمن حوله منخفضة. يثق بالآخرين بشكل عام. وتتجمع حوله مجموعات صغيرة وتدعمه، وهذه هي دائرته المغلقة.
ورغم انعدام ثقته بشكل ملحوظ، كان يهتم دائمًا بالأسرى الفلسطينيين، وفي بعض الأحيان كان يطبخ ويعد الطعام من غزة، بحسب رفيقه الذي أشار أيضًا إلى اهتمامه بغرفته وبجميع من حوله، ووصفه بأنه: “شخص إيجابي”. شخص في العمل الاجتماعي وحتى في العلاقات الوطنية مع الفصائل الأخرى.
وكواليس اللقاء الأول بين «السنوار» و«عصمت»؛ كل ذلك يعود إلى عام 1995، عندما تم نقل السجون من الضفة الغربية إلى الداخل، وكان زعيم حركة حماس في ذلك الوقت شخصية عادية، ليست معروفة أو بارزة كثيراً، وكانت هناك أسماء قيادات في أقوى المناطق. لكن الفصائل الفلسطينية كان لها حضور قوي وفعال في مجال التنظيم الداخلي لحركة حماس وعملها الأمني داخل السجن.
ويعتقد رفيق السنوار أن شخصيته تطورت مع مطلع الألفية، تزامنا مع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، خاصة بعد أن علم أن شقيقه “محمد” كان وراء أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط. ثم لعب دوراً مركزياً على مستوى إدارة السجون والمخابرات الإسرائيلية وأيضاً وسائل الإعلام، ومنذ تلك اللحظة عرفوا أنه مفتاح إتمام الاتفاق الذي نجح فعلاً عام 2011 وكان سبباً في إطلاق سراحه. من السجن.
التعليقات