أظهر استطلاع رأي أجراه “المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية” أن أحداث الأشهر الـ 13 الماضية ألحقت أضرارا نفسية واجتماعية هائلة بالمجتمعين الفلسطيني والإسرائيلي، وأن كل جانب لا يرغب بتقبل إنسانية الآخر.
وبين المركز في تقرير أن “نتائج أحدث استطلاع فلسطيني إسرائيلي مشترك، أجري في تموز/يوليو 2024، أظهرت مدى الضرر على كلا الجانبين”.
ولم يذكر المركز فضاء عينة الاستطلاع والفئات التي أجريت عليها ومكانها، كما لم يحدد هامش الخطأ فيه.
وذكر أن “الناس العاديون لا يرغبون بقبول إنسانية الجانب الآخر، ولا يثقون به بشكل يتجاوز جميع المستويات السابقة من انعدام الثقة، وينظرون إلى معاناة شعبهم على أنها أكبر وأسوء من معاناة أي شعب آخر”.
وينظر ثلاثة أرباع الجمهور من الطرفين، وفق التقرير إلى “الصراع مع الطرف الآخر على أنه صراع صفري، أي أنه عندما يكسب أحدهما أي شيء مهما كان فإن الآخر يخسر، وأن أي شيء جيد أو مفيد لأحد الجانبين هو حتما سيئ أو ضار للجانب الآخر”.
وأوضحت الأرقام أن “90 بالمئة من الفلسطينيين يعتقدون أن أهداف إسرائيل قصيرة المدى في الحرب الراهنة هي ارتكاب إبادة جماعية أو احتلال الأرض وطرد الفلسطينيين من وطنهم”.
وفي الجانب الإسرائيلي “يعتقد أكثر من 90 بالمئة من الإسرائيليين اليهود أن هدف حركة حماس في السابع من أكتوبر (تشرين الأول 2023) كان ارتكاب إبادة جماعية أو احتلال الأرض وطرد السكان من وطنهم” وفق التقرير.
و”يعتقد 90 بالمئة من الفلسطينيين والإسرائيليين اليهود أن الأرض تنتمي بالكامل لجماعتهم فقط”.
وأشار إلى أن “تأييد الإسرائيليين اليهود لمبدأ حل الدولتين انخفض خلال أقل من عامين من 34 بالمئة إلى ما يزيد قليلا عن 21 بالمئة، في المقابل يرتفع التأييد الفلسطيني لنفس المبدأ من 33 بالمئة في 2022 إلى 40 بالمئة في 2024”.
ويوضح الاستطلاع “تصلب في المواقف الإسرائيلية بعد السابع من أكتوبر فيما يتعلق ببدائل حل الدولتين وازدياد التأييد لضم الضفة الغربية دون منح حقوق متساوية للفلسطينيين”.
و”تبلغ نسبة التأييد بين الإسرائيليين اليهود لحل الدولة الواحدة غير المتكافئة وغير الديمقراطية 42 بالمئة وهي أعلى نسبة سجلت في استطلاعات الرأي المشتركة عام 2022″.
وبلغ “التأييد الإسرائيلي اليهودي للضم (أراض الضفة الغربية) الذي يحرم الفلسطينيين من الحقوق المتساوية 37 بالمئة”.
أما البديل الثاني لحل الدولتين فهو الدولة الواحدة الديمقراطية والمتساوية، وأيده وفق الاستطلاع “25 بالمئة من الفلسطينيين و14 بالمئة من الإسرائيليين اليهود، مقارنة بـ 23 بالمئة بين الفلسطينيين و20 بالمئة بين الإسرائيليين اليهود قبل ذلك بعامين”.
وتوقع “53 بالمئة من الفلسطينيين و62 بالمئة من الإسرائيليين أن تمتد الحرب الدائرة حاليا إلى الضفة الغربية وأن تتوسع في نهاية المطاف إلى حرب إقليمية بمشاركة مباشرة من إيران”.
وخلص الاستطلاع إلى أن “مرور أكثر من عام على الحرب الوحشية الراهنة أدى إلى تصلب الرأي العام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وتسمم التصورات المتبادلة بين بعضهم البعض”.
وأضاف أنه “رغم أن تطورات مماثلة قد شوهدت أثناء الحروب السابقة، إلا أن التطور الحالي لم يسبق له مثيل في شدته. ومع ذلك، وكما رأينا في الحروب السابقة، فإن هذه الشدة تضعف عادة في غضون أشهر بعد انتهاء العنف”.
وتابع: “علاوة على ذلك، لا تظهر البحوث المسحية بين المجتمعين أي دليل على أن التغيير الحالي هو نتاج تحول أيديولوجي أو ديني. بل يعكس هذا التغيير قدرا أعظم من الخوف والألم الذي يمكن الحد منه من خلال تغيير محسوب في السياسات المتبعة من قادة الطرفين”.
واعتبر أنه “يمكن أن يكون الخوف عاملا إيجابيا أيضا حيث يمكن الاستفادة من الخوف من الحرب في بلورة دعم شعبي أكبر للسلام، لكن هذا الاستنتاج يتطلب قيادات قوية تتمتع بالشرعية وتمتاز بالشجاعة وتلتزم بهدف السلام، وهي قيادات لا يملكها اليوم أي من الطرفين”.
وقال: “في ظل ظروف مناسبة، ومع وجود قيادة قوية، لا يزال ممكنا لتدابير سياسية على شكل حوافز مصممة خصيصا لهذا الغرض (..) أن تلعب دورا حاسما في الحد من تصلب المواقف”.
واعتبر أن “الرأي العام الفلسطيني والإسرائيلي اليوم ليس قوة دافعة من أجل السلام؛ ولكن الأدلة تبين أيضا أنه ليس عائقا أمام السلام”.
وأضاف: “في حين أن القوى المجتمعية تلعب دورا رائدا في قيادة المجتمعات نحو السلام، فإنه في ظل الأجواء السوداوية المطبقة على جمهور الطرفين، يمكن للقيادة القوية وذات المشروعية والمصداقية فقط أن تصنع التغيير المطلوب”.
وبدعم أمريكي، تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023، إبادة جماعية بحق الفلسطينيين بقطاع غزة، خلّفت أكثر من 142 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وتواصل تل أبيب مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
انتهی.
التعليقات