خطأ بايدن الأكبر وخسائر بالجملة للديمقراطيين

-في وقت ينتقد الديمقراطيون أنفسهم بعد الانتخابات الرئاسية ويستشهدون بأسباب مختلفة مثل ضعف التواصل وعدم القدرة على تقليل مخاوف الناس بشأن التضخم كأسباب لهزيمة كامالا هاريس، فإن قلة من الناس يمكنهم إلقاء اللوم على خطأ جو بايدن الكبير، الذي لم يفقده كرسي الرئاسة فحسب، لكن انتزع مجلسي النواب والشيوخ من الديمقراطيين.

سياسات ضبط الحدود غير الفعالة؟ الانسحاب من أفغانستان؟ عدم الاستقالة من الرئاسة؟ كانت هذه كلها أخطاء كبيرة، لكنها لم تكن أسوأ ما ارتكبه. أسوأ خطأ ارتكبه بايدن، والذي سيلطخ رئاسته دائما، هو عدم اعتقال دونالد ترامب في 21 يناير 2021.

ومن خلال عدم اعتقال دونالد ترامب على الفور، أعطى بايدن للجمهور فرصة لتجاهل أو التقليل من التهديد الذي يشكله ترامب على ديمقراطية أمريكا. ترك هذا مؤيدي ترامب وغيرهم ممن قد يتأثرون في حالة شك حول ما إذا كان ترامب متورطا في أعمال الشغب التي وقعت في 6 يناير أم لا. على الرغم من أنه كان من الواضح أن “ترامب” متورط في أعمال الشغب تلك. علاوة على ذلك، فقد سمح لوسائل الإعلام بالتقليل من شأن هذه القضية، وكما هو شائع خلال الانتخابات، قام بتغطية المنافسات السياسية بدلا من التركيز على التهديد الحقيقي حتى لو كان أحد المرشحين يشكل تهديدا خطيرا للديمقراطية.

بعد حفل تنصيب “بايدن” وإصدار أوامر تنفيذية فورية في اليوم الأول، كان ينبغي على “بايدن” أن يبدأ اليوم الثاني من رئاسته بأمر الاعتقال الفوري لـ “دونالد ترامب”. ولكن لماذا لم يفعل ذلك؟ الجواب واضح: كان لدى “بايدن” ثقة كبيرة في الشعب والنظام القضائي في أمريكا. ورأى أن الجمهور سيطالب بمحاكمة ترامب على أحداث 6 يناير، وأن الجمهوريين في الكونجرس، الذين أدانوا تصرفات ترامب، سوف يسحبون دعمهم.

نتيجة هذا النهج

ماذا كانت نتيجة هذا النهج؟ فشلت استراتيجية بايدن. المشكلة في هذا النهج، بالإضافة إلى الثقة المفرطة في النظام القضائي والمدعي العام ميريك جارلاند، هي أن بايدن كان يحاول تصوير ترامب على أنه تهديد خطير وفاشي. وبينما تم القبض على العديد من الأشخاص الذين شاركوا في أعمال الشغب في 6 يناير ومحاكمتهم، ظل القادة الرئيسيون لتلك الأحداث طلقاء دون محاكمة أو اعتقال. وقد جعل هذا الإفراج الناس يشعرون بأن ترامب ربما لم يكن مذنبا، لأن الناس يعتقدون عموما أنه إذا ارتكب شخص ما جريمة، فيجب أن يتم احتجازه. إذا كان ترامب متورطا حقا في أعمال الشغب في يناير، فلماذا لا يكون في الحجز الفيدرالي؟

ومما لا شك فيه أن اعتماد مثل هذا القرار السريع والحاسم يمكن أن تكون له عواقب وخيمة، بما في ذلك الاتهامات المحتملة لدوافع سياسية في احتجاز ترامب ومخاطر ردود الفعل العنيفة من أنصاره الذين أظهروا في السابق أنهم قادرون على مثل هذه الأعمال المتطرفة.

كما كان بايدن يواجه تحديات خطيرة أخرى مثل الوباء والأزمات الاقتصادية، والتي كان عليه إدارتها أيضا. ولهذا السبب فإن خطأ بايدن مفهوم إلى حد ما. كان يحاول تحسين حالة البلاد ويعتقد أن اعتقال ترامب قد يعطل هذه العملية ويصرف انتباه الناس عن قضايا مهمة أخرى. ومع ذلك، لم يكن هناك ما هو أكثر أهمية من الدفاع الحازم عن مبادئ الديمقراطية. وكان ينبغي على “بايدن” أن يتحرك فورا، ثم يلقي كلمة من مكتب الرئيس، يشرح فيها سبب اتخاذه مثل هذا القرار وكيف يمكن لهذا الإجراء أن يعيد البلاد إلى وحدتها واستقرارها.

 وكان من الممكن أن يبعث هذا القرار برسالة قوية وضرورية إلى الشعب في وقت كانت أمريكا بحاجة إليه أكثر من أي وقت مضى. وفي الواقع، لا يمكن لهذا الإجراء أن يقضي على تهديد “ترامب” إلى الأبد فحسب، بل يمكن أن يكون أيضا نهاية أكيدة لظاهرة الترامبية. لكن بدلا من التصرف بسرعة، سمح “بايدن” للجرح الذي خلفته أحداث ذلك اليوم بأن يبقى مفتوحا وأن ينسى الناس ما حدث من مأساة، أو على الأقل أن يتجاهلوا معناها الحقيقي؛ أي أن محاولة ترامب إسقاط الانتخابات، كانت في الواقع محاولة لإسقاط الحكومة. ونتيجة لذلك، سمح بايدن للناس بالتقليل من شأن التهديد الذي يشكله ترامب، والآن أصبح هذا التهديد حقيقة واقعة.

المصدر: موقع جماران

————————

المقالات والتقارير المنقولة تعبر عن وجهة نظر مصادرها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع

————————–

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *