قام أمين مجلس الأمن الروسي سيرغي شويغو بزيارة إلى العاصمة الأفغانية كابل، والتقى خلالها مسؤولي طالبان لبحث العلاقات بين الجانبين.
والتقى شويغو، بداية، المساعد السياسي لرئيس وزراء طالبان مولوي عبد الكبير ومساعده الاقتصادي الملا عبد الغني برادر في القصر الرئاسي بكابل.
واستعرض مساعدا رئيس وزراء طالبان، مع سيرغي شويغو والوفد المرافق له، العلاقات السياسية والتعاون الاقتصادي وزيادة حجم التجارة والترانزيت والاستثمار في أفغانستان وشطب طالبان من قائمة روسيا للمجموعات الإرهابية ومنح طالبان، مقعد عضوية أفغانستان كمراقب في منظمة شنغهاي للتعاون.
وحضر اللقائين، عدد من أعضاء حكومة طالبان بمن فيهم وزير صناعة وتجارة طالبان بالإنابة نور الدين عزيزي ورئس استخبارات طالبان عبد الحق وثيق ورئيس أركان جيش طالبان فصيح الدين فطرت.
وبعد هذين اللقائين، زار أمين مجلس الأمن الروسي، وزارة دفاع طالبان والتقى وزيرها بالانابة يعقوب مجاهد وهو نجل الملا محمد عمر مؤسس طالبان.
وبعد لقائه الملا يعقوب مجاهد، زار شويغو مقر وزارة داخلية طالبان والتقى وزيرها بالانابة سراج الدين حقاني زعيم شبكة حقاني.
وهذا الوفد، هو أرفع وفد روسي يزور كابل بعد أن أعادت طالبان سيطرتها على أفغانستان. لكن ما الهدف الذي تتابعه روسيا في أفغانستان من خلال إيفاد هذا الوفد الرفيع؟ وماذا تريد من طالبان؟
ضمانات أمنية
ومنذ أن أعادت جماعة طالبان سيطرتها على أفغانستان عام 2021، تحول انتشار المجموعات الإرهابية في أفغانستان، إلى مصدر قلق بالنسبة للبلدان الجارة ودول المنطقة.
وخلال هذه المدة، أعربت السلطات الروسية مرارا عن قلقها من وجود المجموعات الإرهابية في أفغانستان بما فيها داعش والقاعدة.
واعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في الاجتماع الافتراضي لكومنولث الدول المستقلة عام 2022، انتشار داعش والقاعدة في أفغانستان، بانه يمثل خطرا محدقا على المنطقة.
وتصاعدت هذه المخاوف، بعد الهجوم الذي نفذه داعش خراسان على صالة احتفالات “كروكاس” في موسكو.
وقال وزير الدفاع الروسي أندري بلوسوف، أمام اجتماع وزراء الدفاع بمنظمة معاهدة الأمن الجماعي، عُقد في كازاخستان العام الجاري إن الوضع في أفغانستان، ما زال يشكل مصدرا لعدم الاستقرار في منطقة اسيا الوسطى، لان ثمة جماعات “متطرفة” عديدة أوجدت موطئ قدم لها داخل الأراضي الأفغانية.
ويرى خبراء سياسيون أن روسيا تسعى اليوم من خلال توسيع التعاطي والعلاقات مع طالبان للحد من خطر توغل الإرهابيين من أفغانستان إلى اسيا الوسطى، والحصول على ضمانات من طالبان بهذا الخصوص.
ويقول الخبراء أن زيارة وفد أمني روسي إلى كابل، بدلا من وفد دبلوماسي، مؤشر على أن الأمن، يشكل قضية مهمة وأساسية في التعاطي الروسي مع طالبان.
ولحث طالبان على الحيلولة دون تسلل الإرهابين إلى اسيا الوسطى، باتت موسكو مستعدة لشطب طالبان من قائمة روسيا للمجموعات الإرهابية، وتسليم مقعد أفغانستان في المنظمات الدولية التي تخضع لإشراف روسيا إلى طالبان.
وقال سيرغي شويغو خلال لقائه سلطات طالبان أن شطب اسم هذه الجماعة من القائمة الروسية للمجموعات الإرهابية، يمر بمراحله الأخيرة وسيوضع موضع التطبيق قريبا. كما عبر عن حرص روسيا على تسليم مقعد أفغانستان في منظمة شنغهاي للتعاون لطالبان.
وتأمل طالبان أن تتمكن في ضوء تطوير علاقاتها السياسية مع روسيا، في المزيد من ترسيخ دعائم سلطتها في البلاد، وكذلك إبعادها عن دائرة اهتمامات معارضيها السياسيين.
التعاون الاقتصادي
وركز أمين مجلس الأمن الروسي خلال لقاءاته مع سلطات طالبان على العلاقات الاقتصادية والتجارية بين روسيا وأفغانستان، إذ أعرب الطرفان عن حرصهما على تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية.
وفي وقت سابق، كان ممثل روسيا الخاص لأفغانستان ضمير كابلوف قد قال أن بوسع روسيا التعاون مع طالبان في مجال “صادرات المشتقات النفطية” و “الأمن الغذائي”، وأن روسيا ترى “أن طالبان تسيطر سيطرة تامة على أفغانستان وهذا يعد أمرا حيويا بالنسبة لموسكو.”
وهذه المرة الأولى التي يعبر فيها مسؤول روسي كبير عن رغبة بلاده بتصدير النفط إلى أفغانستان الخاضعة لهيمنة طالبان، رغم أن عددا من الشركات الروسية كانت قد أعلنت سابقا عن جهوزيتها للعمل في مجال التنقيب عن النفط في أفغانستان والذي تقوم به الصين الان حصريا تقريبا في أفغانستان.
وفي أعقاب أندلاع الحرب في أوكرانيا، باتت روسيا وعلى خلفية الخلافات السياسية الشديدة مع الغرب، قلقة من أن تخسر سوق النفط والغاز. ومن ناحية أخرى، فان أفغانستان بحاجة ماسة إلى النفط والغاز، ولا تستطيع تلبية احتياجاتها في هذا الخصوص من المصادر الداخلية.
لذلك، فان التعاون الاقتصادي والتجاري بين طالبان وروسيا، لا سيما في قطاع النفط والغاز، يمثل ضربا من سياسة الرابح- رابح، والتي تلبي احتياجات الطرفين.
وفضلا عن ذلك، فان طالبان التي تمرّ على خلفية العقوبات الغربية الواسعة، بتحديات اقتصادية واسعة، بحاجة إلى استقطاب الاستثمارات من مختلف الدول.
وعليه، فان طالبان، تدعو السلطات الروسية باستمرار لتحفيز المستثمرين الروس للمجيء إلى أفغانستان للاستثمار فيها.
وفي ضوء ما تقدم، ترى روسيا وطالبان، أن مصالحهما تكمن في الوقت الحاضر، في المزيد من التعاون في مختلف القطاعات.
وقد أظهرت سياسات روسيا تجاه طالبان على مدى السنوات الثلاث الأخيرة أن موسكو لا تولي أهمية لقضايا حقوق الانسان ومعارضة الشعب الأفغاني لطالبان، وتجد أن مصلحتها تكمن في الوقت الحاضر، في إقامة علاقات وثيقة مع هذه الجماعة، لكي تنال أهدافها على الأمد الطويل.
انتهى
التعليقات