أشرف غريب يكتب: سلام لفيروز في عامها التسعين – كتاب الرأي

جارة القمر فيروز بلغت التسعين. لقد كرّس ما يقرب من خمسة وسبعين عامًا من تلك الحياة الطويلة ليجعلنا نستمتع بجمال فنه وجمال إخلاصه. وكان أطول صوت عربي عمرا. والأقدر على توحيد الفتنة… في زمن الحرب الأهلية اللبنانية التي أخذت خمسة من لبنان قبل عشر سنوات، في الوقت الذي لوح فيه اللبنانيون بسلاحهم في وجه أخيهم الحالي ابن . والدته وأبيه، وكانت الخلافات المذهبية والمذهبية والحزبية محتدمة. في أرض الأرز.

كان صوت فيروز هو الصوت الوحيد تقريباً الذي وحد ولا يفرق، وحد ولا يتفرق، وشجع على الانتماء للوطن ولم يؤيد فئة على أخرى. غنت فيروز للبنان الوطن، ولم يظهر ذلك أبداً. غنائياً انحازوا إلى فئة على أخرى، فأحبها اللبنانيون دون انحياز، واحترمها الجميع دون استثناء، حتى عندما أعلنت ذات مرة دعمها لحزب الله، مسيحية أرثوذكسية، سارعت إلى التأكيد على أنها تدعم روح المقاومة. . ضد إسرائيل والدفاع. عن الكرامة اللبنانية لا أكثر.

ومن لبنان تتسع دائرة حب فيروز لتشمل كل أنحاء الوطن العربي. فيروز هي أكثر المطربين العرب، رجالا ونساء، وفي كل مدينة عربية كبرى لها أغنية وذكرى، حتى في مدينة مكة. قلب الإسلام وموضع الوحي، غنت له المسيحية فيروز بنفس القداسة والخشوع اللذين غنت بهما أناشيدها الكنسية. المرأة المشهورة، عندما تقف لتغني أمام الميكروفون، تجردها من كل شيء. ميوله وأهوائه، ويطلق في صوته العنان للحب الإنساني. أجمل صورها ومظاهرها.

وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، كان صوت فيروز حاضرا دائما في كل مناسبة وحدث. فهي من دعمت الشعب والهوية، وبثت أمل العودة ومحو آثار الخطوات البربرية. على كتفيه الهم الفلسطيني، وبصوته طاف العالم شرقاً وغرباً، وهو يغني: زهرة المدائن، القدس القديمة، سيف فليشهر، الغرباء، جسر العودة، رحل يوم آخر. يافا وبيت شان وعشرات الأغاني. الآخر.

وهي التي غنت “القدس في العقل”، وعنونت ألبومها الذي صدر عام 1971 ببعض ما غنته من أجل القضية. وكانت فيروز صوت فلسطين الهادر أكثر من الفلسطينيين أنفسهم، كما قال أعظم شاعر المقاومة الفلسطينية محمود درويش. في إحدى مقالاتها الشهيرة عام 1986، ولهذا السبب قدرها الفلسطينيون وكرموها على مواقفها العظيمة تجاه القضية، وأعطوها، دون غيرها من المطربين العرب، مفتاح مدينة القدس وصينية من . قذائف من صنع نساء مدينة بيت لحم. مولد السيد المسيح، في احتفال مهيب في العاصمة اللبنانية بيروت، في أغسطس 1968، بعد أربعة عشر شهرا من خسارة بقية المدينة المقدسة في حرب يونيو 1967. في ذلك اليوم، غنى منصور الرحباني رفيقه في الغناء . وألقى شقيقه عاصي كلمة معبرة لخص فيها موقف الثلاثة وإصرارهم على المضي قدماً في طريق النضال الغنائي من أجل فلسطين، حيث قال:

“مفاتيحها من حديد، أما مفتاح المدينة المقدسة فهو من خشب الزيتون، من خشب السلام، من جذوع الأشجار التي صلى عليها عبد السلام، والتي يستظل بظلالها الأنبياء، يا بني أورشليم إخوتنا. ويا أيها السادة الذين تحملوا مصاعب الرحلة: بالنيابة عن فيروز ومنصور وعاصي وكل من ساهم معنا أشكركم. كل ما قدم لنا هو واجب. الواجب ما هو إلا شعور داخلي، شعور يتولد من هول المأساة التي هزتنا، حتى لو كان غناء… لو كان صمتا كان من الأفضل أن نغني في صمت، لكنه البكاء الحقيقة التي تقتحم الأغنية. ولقائنا معكم اليوم هو وعد نجدده بأننا لن نتوقف عن الغناء.

نغني لمن يقاومون في الداخل، لتختلط جراحنا بجراحهم. نغني للأطفال الذين ولدوا في الخارج، حتى يتذكروا أنهم في الطريق دائما، وأن العودة لم تأت بعد. العالم، من أجل كل إنسان، ننادي ترنيمة الحق ونؤذي سماء العالم بصراخنا. ونؤمن به في كل صلاة. نحن نؤمن به حقا وإيمانا، ونكرره على هذا النحو. بذكر أسمائهم الجميلة، وإنها لفرحة كبيرة أن المفتاح الرمزي اختارنا لنعلقه. نعمة في بيتنا وأمانة في أعناقنا ووعد في قلوبنا. أما الفرح العام فهو اليوم الذي تعود فيه الأيادي البنية مسرعة ومعها مفاتيح بيوتها، لأن هناك أبوابا وجدرانا و. بقية الظلال تنتظر، تعرف أهلها وتشتاق إليهم. يومنا العظيم هو يوم انتصار الحق، يوم يعود أصحاب المفاتيح.

أنا متأكد من أن فيروز والرحباني ظلوا مخلصين لهذا العهد الذي عقدوه يوم تسلمهم مفتاح مدينة القدس، الذين قالوا أثناء مرورهم في شوارع القدس القديمة: “البيت لنا. والقدس لنا، وبأيدينا سنعيد بهاء القدس. “السلام على القدس” نقول له وهو في التسعين من عمره. السلام عليك يوم ولدت، يوم غنيت. واليوم الذي بلغت فيه العقد التاسع من عمرك.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *