كيف يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل الحروب بشكل غير مسبوق؟

خلال العقدين الأخيرين أحدث الذكاء الاصطناعي (AI) ثورة تقنية صنعت تحولاً جذرياً في شتى المجالات، بما في ذلك المجال العسكري، حتى تغير شكل الحروب التي نعرفها بالكامل وأصبحت أكثر فتكاً ورعباً. تطور هذا المجال منذ نهاية التسعينيات وحتى اليوم ليشمل أنظمة تحليل ذكية، وأسلحة ذاتية التحكم، وبرامج متقدمة للتحكم في البيانات واتخاذ القرارات.

وبدأت الجيوش في استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل ملحوظ منذ أواخر القرن العشرين، لكن التطور الحقيقي للاعتماد عليه حدث في أوائل القرن الحادي والعشرين مع ظهور تقنيات أكثر تطوراً في مجالات تحليل البيانات، التعلم الآلي، والروبوتات.

 

كيف تطور استخدام الذكاء الاصطناعي في الحروب؟

يمكن تلخيص أبرز المحطات الزمنية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الجيوش كما يلي:

  • أواخر التسعينيات: ظهرت أولى استخدامات الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات العسكرية وتطوير أنظمة إدارة المعارك. مثال على ذلك، أنظمة المحاكاة المستخدمة في تدريبات الجيوش، وأول من استخدمها هو الولايات المتحدة الأمريكية.
  • بعد عام 2000: استخدمت الولايات المتحدة الطائرات المسيرة (Drones) بشكل واسع في أفغانستان والعراق، حيث اعتمدت على تقنيات الذكاء الاصطناعي في التوجيه والاستهداف، وقد أدى استخدام هذه التقنيات إلى مقتل المئات من المدنيين الأبرياء.
  • 2010 وما بعده: توسع استخدام الذكاء الاصطناعي ليشمل روبوتات قتالية مستقلة وأنظمة تحليل ضخمة للبيانات الاستخباراتية. كما تطورت تقنيات الذكاء الاصطناعي لتشمل أنظمة التعرف على الأفراد والوجوه والمراقبة الشاملة.
  • الحاضر (2020-2024): ظهرت تطبيقات الذكاء الاصطناعي بشكل أكثر تعقيداً ورعباً في النزاعات والحروب الحديثة، حيث استخدمت جيوش مثل جيش الاحتلال الإسرائيلي تطبيقات ذكاء اصطناعي لتحليل البيانات وجمعها واستهداف المقاومة الفلسطينية والمدنيين بها، إلى جانب استخدامها الأسلحة المسيرة مثل “الكواد كابتر” والروبوتات الأخرى التي تعتمد على أتمتة الأسلحة الذكية واستهداف الخصوم.

أبرز أنواع الأسلحة التي تعمل بأنظمة الذكاء الاصطناعي وأصبحت تستخدم في الحروب

  1. الطائرات المسيرة (Drones):

تُعد الطائرات بدون طيار من أكثر الأدوات شيوعاً في الحروب الحديثة مثل حربي غزة وأوكرانيا. تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحديد الأهداف، التوجيه، وحتى شن الهجمات بدون تدخل بشري مباشر. هذه الطائرات قادرة على التمييز بين الأهداف المختلفة واتخاذ قرارات في الوقت الفعلي.

  1. الروبوتات القتالية:

تُستخدم الروبوتات البرية والبحرية التي تعتمد على أنظمة الذكاء الاصطناعي في المهام القتالية والاستطلاع. يمكن لهذه الروبوتات تنفيذ العمليات في بيئات خطرة دون تعريض حياة الجنود للخطر.

  1. أنظمة الدفاع الجوي الذكية:

تُطوَّر أنظمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لاعتراض الصواريخ والطائرات الهجومية بشكل أكثر دقة وكفاءة. تُستخدم هذه الأنظمة لتقليل الأضرار وزيادة الفعالية في الدفاع.

  1. أنظمة تحليل البيانات الاستخباراتية:

تتيح هذه الأنظمة للجيوش تحليل كميات ضخمة من البيانات في وقت قياسي لتحديد التحركات المعادية واستباق الهجمات. يعتمد الجيش الإسرائيلي على هذه الأنظمة بشكل مكثف في عملياته في غزة ولبنان.

يقول خبراء عسكريون وقادة جيوش مثل الجيش الأمريكي إن الذكاء الاصطناعي سيغير طريقة خوض الحروب للأبد، تعبيرية/ Getty

لماذا يجعل الذكاء الاصطناعي الحروب أكثر فتكاً؟

  1. سرعة اتخاذ القرار: يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي اتخاذ قرارات في أجزاء من الثانية، ما يعطي الجيوش ميزة حاسمة في العمليات العسكرية. هذه السرعة تؤدي إلى تنفيذ عمليات قاتلة دون إعطاء فرصة للخصوم للتصرف.
  2. زيادة دقة الاستهداف: الأنظمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي تتيح تحديد الأهداف بدقة غير مسبوقة، مما يقلل الخسائر بين القوات المهاجمة ولكنه يزيد من خطورة الهجمات على المدنيين في حال حدوث أخطاء.
  3. التخلص من التردد البشري: في الحروب التقليدية، قد يتردد الجندي في اتخاذ قرارات قاتلة، بينما لا تواجه أنظمة الذكاء الاصطناعي هذه المعضلة الأخلاقية.
  4. زيادة التدمير الجغرافي والإنساني: يمكن للأسلحة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي شن هجمات واسعة النطاق بتنسيق دقيق، مما يزيد من حجم الدمار والخسائر البشرية.

ماذا يحمل الذكاء الاصطناعي لمستقبل الحروب والمعارك؟

– تحول نحو الحروب الذاتية: مع تطور الذكاء الاصطناعي، قد نشهد حروباً تُدار بالكامل بواسطة أنظمة ذكية، حيث تتحكم الخوارزميات في جميع مراحل العمليات.

– زيادة صعوبة السيطرة على الحروب: قد يؤدي الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي إلى فقدان السيطرة البشرية على النزاعات، مما يزيد من احتمالية تصاعد النزاعات إلى مستويات غير مسبوقة.

– ظهور تحالفات تقنية عابرة للحدود: ستعتمد الجيوش على شركات تقنية كبرى لتطوير أسلحتها، مما يغير طبيعة التحالفات الدولية في المستقبل.

“إسرائيل” نموذجاً.. كيف حول الاحتلال الذكاء الاصطناعي أداة للقتل؟

  • من أكثر الدول والكيانات التي استخدمت الذكاء الاصطناعي أداة للقتل هي دولة الاحتلال الإسرائيلي، وهي تعد رائدة عالمياً في استخدام (AI) في المجال العسكري وحروبها ضد الفلسطينيين. وخلال السنوات الأخيرة، توسعت “إسرائيل” في دمج الذكاء الاصطناعي في أنظمة الأسلحة، المراقبة والاختراق، وتحليل البيانات، مما جعل هذه التقنيات أداة فعّالة للقتل والاستهداف.
  • وفي حربها الأخيرة على غزة ولبنان، استخدمت دولة الاحتلال هذه التقنيات لتحقيق أهداف عسكرية بكفاءة مدمرة وارتكاب العديد من المجازر وجرائم القتل، حيث اعتمدت بشكل كبير على الطائرات بدون طيار المزودة بأنظمة ذكاء اصطناعي للقيام بعمليات استطلاع وهجمات دقيقة وإطلاق الرصاص والقنص. هذه الطائرات قادرة على تحليل الصور وتحديد الأهداف بشكل مستقل تقريبًا، ما يقلل من الحاجة إلى تدخل بشري.
  • واستخدمت دولة الاحتلال الذكاء الاصطناعي لتحليل كميات هائلة من البيانات التي تُجمع من الأقمار الصناعية ووسائل الاتصالات في برامج مثل  “لافندر” و”جوسبيل”، التي استخدمت البيانات لتحديد تحركات عشرات الآلاف من سكان غزة كمشتبه بهم في عمليات اغتيال، فيما ساعدت شركات مثل أمازون وجوجل ومايكروسوفت دولة الاحتلال في هذه المهمة، حيث استخدم جيش الاحتلال خوادم “أمازون” السحابية وأنظمة الذكاء الاصطناعي التابعة لشركة “مايكروسوفت” و”غوغل” لتصنيف المعلومات وفرزها، مع تزايد البيانات المخزنة عن غزة والفلسطينيين.
  • بالإضافة لذلك استخدم جيش الاحتلال الذكاء الاصطناعي لمراقبة السكان الفلسطينيين، حيث تُستخدم أنظمة تعرف على الأفراد أو ما يعرف بـ(Facial Recognition) لتتبع تحركاتهم في كل مكان، وعند نقاط التفتيش وفي المراقبة الجوية لتحليل الأنشطة، حيث أدت لتقييد الحريات وتكثيف الجرائم والفتك ضد المدنيين.

*عربي بوست

انتهى

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *