دخلت الحرب على شواطئ البحر الأسود مرحلة جديدة. وصاحبت المعارك البرية العنيفة بين أوكرانيا وروسيا خسائر فادحة في الجانبين. واستولت روسيا على عدة قرى، ويعتبر قرار بايدن باستخدام صواريخ بعيدة المدى من أوكرانيا تطورا مهما.
وتحدث الرئيس الأوكراني زيلينسكي، في خطابه في وقت سابق، عن المعلومات المنشورة في وسائل الإعلام الأمريكية حول قرار البيت الأبيض بالسماح لكييف باستخدام صواريخ ATACMS لمهاجمة أهداف عسكرية، ووصفها بأنها جزء من خطة تعزيز أوكرانيا لتحقيق النصر حسب ما قدمها لمجلس الشراكة الأوروبية الأطلسية، ولا شك أن هذا الترخيص سيلعب دورا رئيسيا في القدرات بعيدة المدى للجيش الأوكراني.
لا شك أن سماح جو بايدن لأوكرانيا باستخدام صواريخ ATACMS الأطول مدى التي زودتها واشنطن لكييف والتي ستستخدم لاستهداف أهداف محددة في روسيا، سيحدث تغييرا وتطورا مهما في هذا الصراع المعقد، وهناك احتمال أن تكون الضربات الأولى موجهة إلى القوات الكورية الشمالية التي تقاتل إلى جانب الجيش الروسي ضد الجيش الأوكراني. كما نشرت أوكرانيا خريطة لـ 225 منشأة عسكرية روسية في نطاق صواريخ ATACMS، بما في ذلك المطارات ومنشآت للطاقة والأسلحة.
والمسألة الأكثر أهمية هي أن لندن وباريس ستسمحان على الأرجح لأوكرانيا باستهداف أهداف عسكرية داخل روسيا بصواريخ Storm Shadow وSCALP، الأمر الذي سيزيد الوضع تعقيدا وهو تغيير استراتيجي كبير سيستغرق عدة أسابيع قبل أن يعود دونالد ترامب إلى السلطة في الولايات المتحدة.
الحرب العالمية الثالثة
في موسكو، كانت ردود الفعل على هذا التطور سريعة وحادة، حتى أن أحد المشرعين الروس يزعم أن سماح واشنطن لكييف لأوكرانيا باستخدام الصواريخ الأمريكية بعيدة المدى لضرب روسيا يعد خطوة مهمة للغاية نحو بدء الحرب العالمية الثالثة. وقال أندريه كارتابولوف، رئيس لجنة الدفاع بالبرلمان الروسي: “سنواصل تنفيذ مهامنا، كما فعلنا دائما”.
كما أكد فلاديمير جباروف، وهو عضو في البرلمان الروسي، أن هذه خطوة مهمة للغاية لبدء الحرب العالمية الثالثة، والأمريكيون يفعلون ذلك بدافع رجل عجوز يخرج من دائرة السلطة، والذي لن يكون مسؤولا لمدة شهرين، لكن عليه أن يعلمهم أن رد فعل روسيا سيكون فوريا.
وبعد ردود الفعل الروسية، في بيان وزارة الخارجية، فإن مثل هذا الهجوم على الأراضي الروسية يعني التورط المباشر للولايات المتحدة وأقمارها الصناعية في الأعمال العدائية ضد روسيا. كذلك، منذ شن غزو أوكرانيا في فبراير 2022، هاجم الزعيم الروسي حلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي تقوده الولايات المتحدة، واصفا أي تعهد بتقديم دعم عسكري من الحلفاء الغربيين لأوكرانيا بأنه تورط مباشر في الحرب وحذر من الانتقام.
ويبدو أن قرار بايدن أثار قلق بعض حلفاء الرئيس المنتخب دونالد ترامب، رغم أن ترامب نفسه لم يعلق على هذا القرار، لكن عدة أشخاص مقربين منه أدانوا تصرف بايدن باعتباره تصعيدا خطيرا للتوتر.
كما غرد دونالد ترامب جونيور قائلا إن الرئيس حاول بدء الحرب العالمية الثالثة قبل أن يتولى والده منصبه. بدأ ترامب حملته بالوعد بإنهاء تورط الولايات المتحدة في الحروب واستخدام أموال دافعي الضرائب لتحسين حياة الأميركيين بدلا من ذلك.
وقال إنه سينهي الحرب بين روسيا وأوكرانيا خلال 24 ساعة، دون أن يقول كيف؟! وفي الوقت نفسه، يمكن القول إن قرار الولايات المتحدة هذا يرجع جزئيا إلى وصول أكثر من 10 آلاف جندي من كوريا الشمالية إلى منطقة كورسك في غرب روسيا، حيث استولت القوات الأوكرانية على جزء صغير من الأرض وذلك لمساعدة قوات الرئيس فلاديمير بوتين؛ وهو أمر مهم لأن بعض التقارير تشير إلى أن كوريا الشمالية قد ترسل ما يصل إلى 100 ألف جندي بالإضافة إلى المدفعية والأسلحة الأخرى إلى حليفتها.
قرار جيد للغاية
وفي أوروبا، جاءت ردود الفعل متباينة، فقد رحبت بعض الدول بهذه الخطوة، في حين اعتبرتها مجموعة أخرى خطيرة. أشاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقرار الولايات المتحدة السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى في روسيا ووصفه بأنه خطوة جيدة للغاية، قائلا إنه قرار جيد للغاية ولا ينبغي الاستهانة به، أي تحالف القوات الكورية الشمالية إلى جانب روسيا على الأراضي الأوروبية.
كما ذكر على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو أن القوة الوحيدة التي تزيد من حدة هذا الصراع اليوم هي روسيا، وبناء على البيان المشترك لقمة مجموعة العشرين، فإن أعضاء مجموعة أكبر مجموعة في العالم والاقتصاديات التي تتواجد فيها روسيا أيضا، وافقت على أي مبادرة بناءة بهدف السلام العادل والدائم دون إدانة روسيا.
وبشكل عام، لا بد من الاعتراف بأن هذا القرار الخطير، من جهة، أضر بنوع من التفاؤل بإمكانية إنهاء الصراع بانتصار ترامب، وربما يزيد الوضع تعقيدا، ومن جهة أخرى، فإن هدف فريق بايدن يمكن أن يجعل الوضع أكثر صعوبة بالنسبة لروسيا في الميدان، ويجب على هذا البلد أن يرحب بمقترحات ترامب لإنهاء الحرب بمزيد من الاستعداد وشروط أقل. وبطبيعة الحال، هناك أيضا التهديد المتمثل في أنه إذا امتدت الحرب إلى جغرافية الناتو، ومع الأخذ في الاعتبار التطورات الدموية في الشرق الأوسط مع تجاوز نتنياهو للخطوط الحمراء، فإن افتراض حرب عالمية جديدة ليس بعيد المنال.
المصدر: مركز مطالعات سياسي وبين المللي
————————
المقالات والتقارير المنقولة تعبر عن وجهة نظر مصادرها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع
————————–
التعليقات