أكثر من 160 مليون طفل عامل حول العالم محرومون من حق التعليم

تجاوز عدد الأطفال العاملين المحرومين من حق التعليم حول العالم أكثر من 160 مليون طفل، وشهدت عمالة الأطفال زيادة بمقدار 8.4 ملايين طفل، بين عامي 2020-2024، وفق تقرير لمؤسسة تركية.

وبحسب تقرير أعدته مؤسسة حقوق الإنسان والمساواة التركية (TIHEK) بالاشتراك مع منظمة العمل الدولية، بمناسبة يوم الطفل العالمي الموافق 20 نوفمبر/تشرين الثاني، تأتي منطقة جنوب الصحراء في القارة الأفريقية والصين والهند وأمريكا من بين المناطق التي تضم أكبر عدد من الأطفال العاملين.

وذكر التقرير أن الأطفال المتسربين من التعليم يعملون لساعات طويلة في الأراضي الزراعية والمناجم والمنشآت الصناعية مقابل أجور زهيدة وفي ظروف قاسية، وأن 89.3 مليون طفل منهم تتراوح أعمارهم بين 5 و11 عاما، و35.6 مليونا بين 12 و14 عاما.

واستهل رئيس مؤسسة حقوق الإنسان والمساواة البروفيسور محرم قليتش كلامه بتعريف عمالة الأطفال بحسب منظمة العمل الدولية قائلاً: “هي العمل الذي يمنع الأطفال من عيش طفولتهم، ويقلل من إمكاناتهم وكرامتهم، ويؤثر سلبًا على نموهم العقلي والجسدي”.

وأشار إلى أن عدد الأطفال العاملين زاد بمقدار 8.4 ملايين، في الفترة 2020-2024، ليصل إلى أكثر من 160 مليونا في أنحاء العالم.

وحذّر قليتش من خطورة عمالة الأطفال اجتماعيا وأخلاقيا، علاوة على تأثيراتها السلبية على إمكانات الأطفال وثقتهم بأنفسهم.

وقال: “عمالة الأطفال تمنعهم من التعليم وتجبرهم على ترك المدرسة في وقت مبكر. وتعتبر الأعمال الشاقة والطويلة التي يضطر الأطفال إلى القيام بها بالتوازي مع دراستهم ضمن إطار عمالة الأطفال”.

– أسوأ أشكال عمالة الأطفال

وأضاف: “أسوأ أشكال عمالة الأطفال هي تلك التي تستعبدهم، وتفصلهم عن عائلاتهم، وتعرضهم لأمراض خطيرة، وتجبرهم على العيش بمفردهم في المدن الكبرى في سن مبكرة.”

وأوضح قليتش أن عمالة الأطفال زادت نتيجة الثورة الصناعية وعادات الاستهلاك التي فرضها النظام الرأسمالي، مشيرًا إلى أن ظروف عمل الأطفال وضماناتهم أسوأ بكثير مقارنة بالبالغين.

وأكد أن المسؤولية عن عمالة الأطفال لا تقتصر على الدول فحسب، بل تشمل أيضًا المستهلكين الذين يتجاهلون مصدر المنتجات في ظل ما أسماه “هوس الاستهلاك”.

كما أشار إلى أن الشركات الكبرى تتغاضى عن عمالة الأطفال لتقليل تكاليف الإنتاج، حيث تستثمر في المناطق التي تنتشر فيها عمالة الأطفال، مما يؤدي إلى تفاقم الظاهرة.

وبيّن أن المعايير التي حددتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) لمكافحة عمالة الأطفال يتم تجاهلها بسبب اعتبارات التكلفة الإنتاجية.

وأشار قليتش إلى المناطق التي تسجل أعلى معدلات لعمالة الأطفال هي عادة الدول التي لا يسود فيها حكم القانون بشكل فعال.

– عدد الأطفال العاملين زاد بعد كورونا

وأوضح أن عدد الأطفال العاملين حول العالم ظل مستقرًا لفترة طويلة قبل جائحة كورونا، لكنه شهد زيادة في السنوات الأخيرة.

وصرح بأن الجائحة أثرت بشكل كبير على عمليات الإنتاج وسلاسل التوريد، وأضاف أن بعض الدول والشركات، التي سعت لتعويض الآثار السلبية للجائحة بسرعة، غضت الطرف عن تشغيل الأطفال كقوة عمل رخيصة.

كما أكد قليتش أن عمالة الأطفال تمثل مشكلة أكثر خطورة في آسيا وأفريقيا مقارنة ببقية القارات، مشيرًا إلى أن الهوس بالإنتاج يزيد من التهديدات والمخاطر التي تواجه الجهود المبذولة لحماية كرامة الأطفال.

قليتش أشار إلى أن الأطفال يُجبرون على العمل بشكل رئيسي في الدول ذات البنية القانونية الضعيفة، والتي تُعرف باسم “المناطق الرمادية”، موضحًا أن هذه المناطق غالبًا ما تفتقر إلى سيادة القانون، مع تراجع التزامها بمعايير حقوق الإنسان وحقوق الأطفال.

وأضاف أن الأطفال يعملون في ورش غير مرخصة أو مناطق عمل تفتقر إلى الرقابة وحماية حقوق العمال. وأكد أن السياسات النيوليبرالية التي أسست مناطق الإنتاج الحرة ساهمت في تفاقم هذه المشكلة.

وأوضح قليتش أن هناك أكثر من 5 آلاف و400 منطقة اقتصادية خاصة منتشرة في أكثر من 150 دولة حول العالم، بما في ذلك الصين والهند والولايات المتحدة، وأن جزءًا كبيرًا من هذه المناطق يقع ضمن المناطق التي تشهد ارتفاعًا كبيرًا في عمالة الأطفال.

– تركيا من أوائل الدول المكافحة لعمالة الأطفال

وبيّن قليتش أن تركيا كانت من أوائل الدول التي انضمت إلى برامج مكافحة عمالة الأطفال، وذكر أن الجهود المبذولة في هذا السياق تتم بالتعاون مع منظمات دولية في مقدمتها منظمتا العمل الدولية والأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”.

ومن أجل إنهاء ظاهرة عمالة الأطفال دعا قليتش للقضاء على “المناطق الرمادية”، ولفت إلى أن مؤسسات مثل هيئة حقوق الإنسان والمساواة في تركيا (TİHEK) يمكن أن تلعب دورًا مهمًا في هذا المجال.

كما أشار إلى أن تركيا تعمل على إعداد أدلة لمكافحة عمالة الأطفال، بالإضافة إلى تنفيذ برامج توعية وتقديم تعليم يراعي حقوق الطفل، وأكد على أهمية دور المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في تعزيز هذه الجهود.

انتهی.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *