وربما حان الوقت للإعلان عن تحالف «مصري – سعودي – إيراني – تركي» صريح ينقذ الشرق الأوسط من تقلبات صناع القرار في البيت الأبيض ونفاق الحسابات الدولية. وأكد أن 7 أكتوبر (طوفان الأقصى) لم يحرك المياه الراكدة للقضية الفلسطينية فحسب، بل أعاد تشكيل رؤية قادة الشرق الأوسط على خريطة تحالفاتهم.
والحقيقة أنه يمكن أن نذهب أبعد من ذلك إلى القول إن التداعيات السياسية لفيضان الأقصى وصلت بتأثيراتها غير المباشرة إلى استراتيجية الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب تجاه إيران ثم نحو الشرق الأوسط قبل أكتوبر/تشرين الأول. في 7 كانون الثاني/يناير 2023، دار الخطاب السائد في المنطقة حول إمكانية المضي على طريق التطبيع مع الكيان الصهيوني حال اعترافه بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة، والبدء بعملية سياسية بهذا المعنى، كما كان الأمر كذلك. ولا يزال يرفضه الكيان الصهيوني.
وروج الخطاب الطائفي أن الصراع في الشرق الأوسط كان طائفيا بين دول سنية وإيران الشيعية، إضافة إلى حلفائهما في المنطقة، لكن “طوفان الأقصى”، إضافة إلى تاريخ ترامب مع المنطقة خلال ولايته الأولى ولايته وسياساته غير الموثوقة، دفعت الجميع إلى إعادة قراءة المشهد في ظل استمرار جرائم الإبادة الجماعية الصهيونية التي تهدف إلى تهجير سكان غزة والضفة الغربية، الأمر الذي سيدفع حتما المنطقة إلى الفوضى الشاملة التي ستؤثر على الجميع.
ومن نتائج هذه القراءة الجديدة زيارة رئيس أركان الجيش السعودي إلى طهران ولقائه مع نظيره الإيراني لتوقيع اتفاقيات دفاعية وأمنية، ومن ثم تصديق ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، خلال القمة العربية الإسلامية الحربية، برفضها العدوان على إيران وانتهاك سيادتها.
وفي السياق ذاته يأتي تأكيد قادة الدول المشاركة في القمة على أن إقامة الدولة الفلسطينية هو الطريق الوحيد للسلام والاستقرار في المنطقة وليس مجرد بداية طريق سلس نحوه.
وبالتوازي مع الإجراء السعودي الإيراني غير المسبوق، التقى إيلون ماسك، صديق ترامب المقرب، الذي أعلنه وزيراً لكفاءة الحكومة، سراً مع ممثل إيران لدى الأمم المتحدة السفير أمير سعيد كرافان.
وبحسب صحيفة نيويورك تايمز، فإن اللقاء عقد بناء على طلب إيلون ماسك وتمت مناقشة سبل تخفيف التوتر بين واشنطن وطهران. ونقلت الصحيفة الأميركية عن مصدرين إيرانيين أن اللقاء قد يؤدي إلى تغيير في السياسة الأميركية تجاه إيران. إيران، على عكس ما كان متوقعا.
وفور كشف ترامب عن أسماء المرشحين لتولي حقائب وزارية في إدارته الجديدة، ساد التشاؤم بين معظم المراقبين بسبب ما عرف عن التشدد والتطرف لدى معظم المرشحين المصنفين من الصقور في الحزب الجمهوري، وخاصة مرشحي الحزب الجمهوري. وزيرا الدفاع والخارجية ومستشارهما للأمن الوطني. وجميعهم من أشد المؤيدين للكيان الصهيوني، ويدعمون جهوده لضم الضفة الغربية، ويعادون إيران ومشروعها النووي.
بالطبع من حق الجميع أن يشعر بالقلق والتشاؤم، لكن لقاء إيلون ماسك مع كبير الدبلوماسيين الإيرانيين يشير إلى تغير لا يمكن تجاهله في نظرة الرئيس الأميركي الجديد للصراع في الشرق الأوسط.
وصحيح أن ترامب لن يسعى إلى تحقيق حل الدولتين، بحسب تصريح سفيره المعين لدى الكيان الصهيوني. ومع ذلك، هناك على الأقل شيء يمكن القيام به لمنعه من دعم أي جهود ضم صهيونية. الضفة الغربية أو إضفاء الشرعية على احتلال قطاع غزة.
ويمكننا أن نرى قفزات متعددة ومتناقضة في سياسة ترامب تجاه المنطقة، لكن ليس من المستحيل التغلب عليها من خلال إظهار صلابة في الإرادة السياسية لدولهم لإكمال ما بدأته المقاومة، وإعلان تحالف صريح يضم السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة. إيران وتركيا من خلال اتفاقيات ذات أبعاد سياسية واقتصادية وأمنية ودفاعية وثقافية وعلمية.
تحالف يستغل رغبة ترامب في إنهاء الحرب ويقنعه بأن ضم الضفة الغربية يضع حداً لاتفاقات أوسلو ويدفع الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية إلى الالتحاق بصفوف المقاومة وأن تشريع أي مشروع استيطاني في فلسطين غزة ليس لها مستقبل، وتشكل تهديدا لاتفاقية كامب ديفيد للسلام مع مصر، خاصة إذا أصر الكيان على مواصلة احتلاله لمحور فيلادلفيا.
ومن شأن هذا التحالف أن يخفف من وتيرة الصراع ويدفع الاحتلال الصهيوني إلى التراجع عن مخططاته التوسعية تحت وطأة الخسائر الناجمة عن حرب الاستنزاف الطويلة التي دخل فيها بالفعل.
التعليقات