تصدرت تحفة أثرية مصرية العناوين بعد أن حطمت رقما قياسيا كأغلى مصباح يتم بيعه في العالم بمبلغ يعادل 6.5 مليون دولار، ولم تكشف دار “بونامز” للبيع بالمزاد العلني عن هوية المشتري.
التحفة الأثرية هي عبارة عن مشكاة زجاجية نادرة كانت في مدرسة السلطان صرغتمش بالقاهرة.
وفي تصريحات خاصة لـ”العربية.نت” و”الحدث.نت”، قال الدكتور مجدي شاكر، كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار المصرية، إن المشكاة الأثرية هي مشكاة زحاجية نادرة ومزخرفة بصورة إبداعية نادرة من مسجد ومدرسة السلطان سيف الدين صرغتمش القائم حتى الآن بجانب مسجد أحمد بن طولون بالقطائع القديمة بحي السيدة زينب.
تاريخ القطعة الأثرية
ويرجح أن هذه المشكاة (أو القنديل أو المصباح) كانت في مدرسة السلطان صرغتمش بالقاهرة قبل أن تتنقّل بين أيدي هواة التحف.
وأضاف شاكر أن مشكاة صرغتمش ظهرت لأول مرة في القرن التاسع عشر ضمن مقتنيات هاوي التحف الفرنسي شارل هنري أوجوست شيفير الذي جلب المصباح لباريس، وقد كان شيفير المولود عام 1820 مقربا من السلطان العثماني ومترجما معتمدا في بلاط الباب العالي.
وتابع شاكر: “نُقل المصباح خلال ملكية شارل شيفير له عبر 3 متاحف شهيرة، على رأسها متحف اللوفر، كما تم تصوير المصباح في عشرة من كتب الفن والتحف خلال تلك الفترة”.
وأردف كبير الأثريين أن المشكاة انتقلت لاحقا لحيازة بوغوص نوبار نجل أول رئيس وزراء مصري، واستخدمت عائلة نوبار المشكاة كزهرية للورد الجاف، وبقيت لديهم نحو قرن من الزمان، وكان آخر مالك للمشكاة ورثة أركيل نوبار الذين باعوها بواسطة دار المزادات.
وتمتاز المشكاة بشكلها المستدير المحاط بستة مقابض، وهي مطلية بالميناء الملونة بالأخضر والأزرق والأبيض.
وتنتشر في المصباح أشكال نباتية علي هيئة أشرطة وعدد من الخراطيش والنصوص الدائرية بخط الثلث أغلبها يحوي الآية القرآنية: “الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح”.
وأضاف شاكر: كما تنسب الكتابات الموجودة على المشكاة إلى الأمير سيف الدين صرغتمش، الذي كان مقربا من السلطان الناصر قلاوون، قبل أن ينقلب عليه الأخير ويقتله.
أسلوب طلاء المشكاة بالمذهب والميناء ازدهر في عصر المماليك الذين كانوا يستخدمون هذا الأسلوب في المساجد بالقرنين الثالث عشر والرابع عشر.
وأوضح شاكر أنه نظرا لوجود قانون يسمع ببيع وتملك الآثار، قبل صدور القانون رقم 117لسنة 1983، خرجت كثير من القطع الأثرية وبيعت بطريقة قانونية مثل تمثال “سخم كا” من الدولة القديمة الذي بيع في مزاد في لندن 2016 بحوالي 16 مليون جنيه استرليني.
غير قانوني
من جانبه، أكد الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، في حديث خاص مع “العربية.نت” و”الحدث.نت”، أن عرض المشكاة غير قانوني، وكل ما يعرض في المزادات العلنية يكون مبيعا بأوراق مزورة، موضحا أن البعض قالوا إن المشكاة بيعت في الفترة من 1843 إلى 1857، وهذا كلام غير موثق، ومن حق مصر المطالبة بالأوراق الرسمية التي تثبت بيع هذه القطعة بشكل قانوني، وهذا كان قبل قانون حماية الآثار 117 لسنة 83 وتعديلاته.
وأضاف ريحان أن القانون 215 لسنة 1951 حظر الاتجار في الآثار إلا بترخيص وزارة المعارف العمومية.
وتابع: “نصت المادة 26 من القانون أنه لا يجوز تصدير الآثار إلى الخارج إلا بترخيص من وزير المعارف العمومية بعد موافقة المصلحة المختصة، وبهذا أجاز هذا القانون المشؤوم تجارة الآثار بترخيص من وزارة المعارف، وهذا القانون ألغي بقانون حماية الآثار رقم 117”.
وأضاف: “يجب على دار بونامز بلندن تقديم أوراق لوزارة الآثار المصرية تثبت خروج هذه المشكاة بترخيص من وزير المعارف، وهذا طبعا غير موجود، وفي حالة عدم وجود سندات تصدير للأثر، يكون خروجه غير شرعي، وكذلك بيعه”.
اتفاقية اليونسكو
وأشار ريحان في حديثه إلى اتفاقية اليونسكو لسنة 1970 التي وقعت عليها 123 دولة من بينها مصر، هذه الاتفاقية خاصة بمكافحة الاتجار غير المشروع بالتحف الفنية والتي تنظم آلية عودة القطع الأثرية والفنية التي تم الحصول عليها بشكل غير شرعي من بلادها الأصلية.
وأكد أن هذه الاتفاقية تجيز رفض عودة الآثار التي خرجت من بلادها قبل عام 1970، أما الآثار التي خرجت بعد هذا التاريخ فتشترط الاتفاقية أن يتم تقديم مستند يثبت ملكيتها للمطالبة باستردادها.
وأضاف: معظم الآثار خرجت من مصر في عام 2011 ، وهي آثار غير مسجلة وليس لها سند ملكية، وخرجت خلسة نتيجة حفائر غير شرعية.
وطالب عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، الدول العربية الموقعة على الاتفاقية، وعددها 15 دولة، بأن تتفق على تعديل بنود الاتفاقية وتتقدم بها إلى اليونسكو لتعديل تلك الشروط المجحفة والبنود، لضمان عودة الآثار التي خرجت بشكل غير شرعي.
انتهی.
التعليقات