“واشنطن تايمز”: طوكيو وسول تستعدان للتحديات الاقتصادية والدفاعية بعد عودة ترامب

تستعد كل من اليابان وكوريا الجنوبية لعودة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في إدارة ثانية، حيث تقوم الدولتان بمراجعة قضايا التحالفات الدفاعية، والإنفاق العسكري، بالإضافة إلى المخاطر الاقتصادية التي قد تطرأ جراء سياسات ترامب في الفترة القادمة.

وذكرت صحيفة “واشنطن تايمز” الأمريكية، أن هناك بوادر قلق بشكل واضح في الرسائل السياسية، وافتتاحيات الصحف، وأحاديث المقاهي في طوكيو وسيول. ويعود هذا القلق إلى فترة حكم ترامب الأولى (2017-2021) ووعوده الانتخابية الأخيرة التي أثارت الكثير من المخاوف في كلا البلدين.

وتكمن المخاوف بشكل أساسي في الوضع الجيوسياسي لكلا البلدين كحليفين رئيسيين للولايات المتحدة، إضافة إلى كونهما قوتين اقتصاديتين معتمدتين على السوق الأمريكية كأكبر وجهة لصادراتهما. كما أن اليابان وكوريا الجنوبية هما لاعبان رئيسيان في صناعة أشباه الموصلات، حيث تورد اليابان المواد الأولية وتصنع كوريا المكونات النهائية. وقد أدى النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين خلال إدارة ترامب إلى تصعيد التوترات في هذه الصناعة.

وتمثل سول وطوكيو خط الدفاع الأول للولايات المتحدة في منطقة المحيط الهادئ، حيث يتواجد الجنود الأمريكيون في كلا البلدين على مقربة من الصين وكوريا الشمالية وروسيا. وكان البلدان قد تأثرا بشدة في فترة ترامب الأولى عندما عمد الرئيس إلى تقليص الأولوية الاستراتيجية لآسيا، مطالبًا في الوقت نفسه بزيادة المساهمات المالية التي يدفعها كلا البلدين مقابل وجود القوات الأمريكية.

وتجدر الإشارة إلى أن ترامب كان قد تبنى سياسة “أمريكا أولًا”، والتي تركز على فرض الرسوم الجمركية بشكل واسع، وهو ما أثار القلق في الاقتصادين المعتمدين على التجارة الحرة، مثل اليابان وكوريا الجنوبية. ومن المتوقع أن يشهد كلا الزعيمين الياباني والكوري الجنوبي ضغطًا كبيرًا للانسجام مع سياسات ترامب إذا عاد إلى السلطة.

وعلى الرغم من التحديات الخارجية، يواجه كل من رئيس وزراء اليابان شجيرو إيشيبا والرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول تحديات داخلية أيضًا. حيث يعاني إيشيبا من حكومة أقلية بعد خسارة حزبه في الانتخابات الأخيرة، بينما انخفضت شعبية يون إلى مستوى قياسي بلغ 17% الأسبوع الماضي. وهذا الضعف الداخلي يثير القلق من أن كلاً من الزعيمين قد يجدان صعوبة في التعامل مع ترامب الذي يفضل التعامل مع القادة الأقوياء بغض النظر عن أنظمة حكمهم.

ويعتزم إيشيبا، الذي يشغل منصب رئيس وزراء اليابان، هو أحد دعاة تعزيز الأمن العسكري في اليابان، زيادة الإنفاق الدفاعي لليابان إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يتوافق مع معايير حلف شمال الأطلسي (الناتو). كما يتطلع إلى تطوير اتفاقيات دفاعية أكثر توازنًا مع الولايات المتحدة، بما في ذلك مراجعة اتفاقية الوضع الراهن للقوات الأمريكية في اليابان.

ومن جهة أخرى، تُعد العلاقات التجارية مع الولايات المتحدة واحدة من القضايا الساخنة في العلاقات اليابانية الأمريكية. فقد توقفت صفقة استحواذ شركة “نيبون ستيل” اليابانية على “يو إس ستيل” الأمريكية بسبب اعتراضات النقابات العمالية الأمريكية، بينما أكد ترامب في حملته الانتخابية ضرورة إعادة التفاوض بشأن الاتفاقيات التجارية الثنائية.

وبالنسبة لكوريا الجنوبية، يشعر الرئيس يون سوك يول بالقلق من تصريحات ترامب خلال حملته الانتخابية التي وصف فيها كوريا الجنوبية بـ”الراكب المجاني”. على الرغم من ذلك، يبدي الرئيس الكوري رغبة في تحسين علاقاته مع ترامب، خاصة بعد تعيين مستشارين مقربين من الرئيس الأمريكي السابق الذين أكدوا أن كلا الزعيمين “سيكونان على توافق”.

ورغم تحركات ترامب المثيرة في السياسة الخارجية، مثل لقائه التاريخي مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون في 2018، فإن يون لا يظهر أي رغبة في التفاوض مع كيم في الوقت الحالي. وفي ظل تصاعد التوترات مع بيونج يانج، تجد سول نفسها في موقف دقيق، حيث لم تصدر حتى الآن أي إجراءات لمواجهة أنشطة كوريا الشمالية غير المسبوقة.

وفي ضوء هذه المخاوف، تعمل سول على تحسين رسائلها السياسية، حيث نشرت وزارة الخارجية الكورية الجنوبية في 12 نوفمبر كتيبًا على الإنترنت بعنوان “كوريا تهم الولايات المتحدة”، مبرزًا الدور الدفاعي والاقتصادي المهم لكوريا الجنوبية بالنسبة للولايات المتحدة. ويشير الكتيب إلى زيادة الإنفاق الدفاعي الكوري الجنوبي إلى 2.8% من الناتج المحلي الإجمالي، إلى جانب تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، وخاصة في مجال التكنولوجيا وصناعة أشباه الموصلات.

وتستعد كل من اليابان وكوريا الجنوبية لإدارة ترامب الثانية، بينما يتعين عليهما التنسيق بشكل وثيق مع الولايات المتحدة وسط التحديات الاقتصادية والسياسية العديدة. ومع إعادة تموضع السياسة الأمريكية في منطقة آسيا، ستظل تحركات ترامب في المرحلة المقبلة حاسمة في تشكيل العلاقات الثنائية بين هذه الدول الكبرى في منطقة المحيط الهادئ.

النهایة

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *