الثقافة العربية في مواجهة الذكاء الاصطناعي.. «فخ الحضارة» – أخبار مصر

شغلت إمكانات وتأثيرات الذكاء الاصطناعي أذهان الباحثين والأكاديميين من مختلف مجالات المعرفة في السنوات الأخيرة، حيث من المتوقع أن تمتد هذه التأثيرات إيجاباً وسلباً إلى مختلف جوانب الحياة في المستقبل القريب، بما في ذلك مختلف المجالات. العلوم السياسية والاقتصادية والصراعات العسكرية.

ومن المتوقع أيضًا أن يتغلغل تأثير الذكاء الاصطناعي الفائق في الثقافة، بما يتماشى مع تراث وهويات الأمم واللغات، حيث يعتمد الذكاء الاصطناعي لأول مرة على استخدام اللغة الطبيعية بدلاً من الحوسبة (01). فما مدى استعداد اللغة والثقافة العربية لمواكبة هذا التطور التكنولوجي؟ ما هو التأثير المحتمل للتطور العالي للذكاء الاصطناعي على كليهما؟

ومن هذه المنطلقات، يحلل الدكتور محمد سليم شوشة، الأستاذ بجامعة الفيوم، علاقة الذكاء الاصطناعي بالثقافة واللغة العربية في كتابه “فخ الحضارة”. ويتناول الكتاب أثر التطور التكنولوجي على الثقافة والثقافة العربية. اللغة، كما يقدم وصفة تدفع الثقافة العربية لامتلاك ذكاءها الاصطناعي الخاص. وفي هذا الملف تعرض الوطن قراءة للكتاب وحواراً مع المؤلف لفهم أبعاد هذه القضايا.

ويحذر الكتاب من تأثير التطور التكنولوجي على اللغة العربية

إن التطور الشديد للذكاء الاصطناعي يثير الدهشة ويطرح العديد من التساؤلات يوما بعد يوم حول طريقة الحياة الاجتماعية والمهام التي ستؤديها الآلة بدلا من الإنسان، وإمكانية سيطرتها على البشر، حيث أن التطور أمر لا مفر منه والذكاء الاصطناعي توشك أن تكون «برمجية جديدة للعالم، أي تنطبق على كل جوانب الحياة»، بما في ذلك الاقتصاد والعلوم والصراعات العسكرية والسياسية وغيرها، وذلك من خلال كتاب «فخ الحضارة». أصدرت مؤسسة أخبار اليوم، استشراف الدكتور محمد سليم شوشة، أستاذ الأدب العربي بجامعة الفيوم، للمستقبل القريب والبعيد، حول أبعاد الثورة وتأثيرها على الثقافة واللغة العربية، محذرا. العواقب الوخيمة التي يمكن أن تقع على المجتمعات العربية إذا تجاهلنا وأهملنا في البحث العلمي عن حلول لمعضلة كيفية تعامل اللغة العربية مع الذكاء الاصطناعي في وضعه الحالي. وقد خصص في الكتاب فصلاً كاملاً للحلول. وهو ما سيسهم في حل المعضلات المزمنة ووضع المجتمعات العربية على قدم المساواة مع الدول المتقدمة في غضون سنوات قليلة.

يقع الكتاب في حوالي 150 صفحة، مقسمة إلى مقدمة وأربعة فصول بعنوان: “اللغة العربية والذكاء الاصطناعي الفائق”، و”إمكانات ظهور اللغة العربية في ظل التكنولوجيا”، و”التأثير الثقافي”، و”تصورات للخروج من العالم”. مصيبة “. الطريق المسدود.”

حتمية التطور التكنولوجي هو ما يؤكد عليه الكتاب، ومن بين الأسئلة المطروحة حول تأثيرات التطور التكنولوجي هناك مسألتان أساسيتان: الأولى تتعلق باللغة العربية نفسها أو تفاعل هذا العقل الفائق الصنع مع اللغة نفسها، والآخر. مدى جاهزيته على المستوى الحالي لمعالجة الذكاء الاصطناعي، والسؤال الثاني، أن ما يقترحه الكتاب يتعلق بطبيعة المنتج الفكري العربي المعروض في الوقت الحالي.

وفي مقارنة بين التطور التكنولوجي العالي ومنتجات الثورة العلمية التي سبقته، يشير شوشة إلى خطورة التطور التكنولوجي العالي: «لأول مرة في تاريخ البشرية، تمتلك الآلة حرفيًا عقلًا أعلى، وعقلًا أعلى». العقل “الذي ليس استعارة أو نوعاً من التشبيه”، ويوضح أن الآلة لم تعد مجرد وسيلة أو وسيلة يسيطر عليها الإنسان بشكل كامل، كما كان في الاختراعات السابقة، بل أصبحت لديها القدرة على ذلك. تطوير نفسه: “لكن الآن، بعد ثورة الذكاء الاصطناعي العظيم أو الفائق، أصبح السؤال مختلفًا تمامًا، حيث أن هذا العقل الآلي يتم تنشيطه لأول مرة في التاريخ،” فهو يمتلك دماغًا يقلد الدماغ البشري من خلال شبكة عصبية مشابه. للشبكات العصبية للدماغ البشري.”

يتعامل المؤلف مع اللغة كنظام أكثر تعقيدا من مجرد الكلام وأكثر تعقيدا حتى “من تلك المستويات التي نقسمها إليها لدراستها، أي المستويات الصوتية والصرفية والدلالية والنحوية. وهناك تفاعلات في أكثر من اتجاه بين هذه المستويات”، مع الإشارة إلى جانب آخر للتكنولوجيا العميقة والجذرية، وهو بداية تفاعل العقل مع اللغة الطبيعية، “وهذا تحول أساسي وملحوظ قد عواقبه. تأثيرها داخل كل لغة وكل ثقافة”، خاصة فيما يتعلق باللغة، موضحا أن الخطر يكمن في أن تصبح الآلة من أهل هذه اللغة، لكنها في النهاية “آلة “تتفوق في السرعة والقدرة.” “يجب علينا دائماً أن نقارن الذكاء الاصطناعي الآن بالطفل الذي يتعلم ويكتسب ويعيش مراحله التعليمية، أو سيكون مجتهداً ومتميزاً حسب أسلوبنا في تعليمه وإكسابه المهارات والقدرات، أو لا. كونها غبية، نعم، إذا كان مصيرها مرتبطًا بمصيرنا وما نفعله معها سيكون ابننا، وهو الأكثر شبهًا بنا”.

ويوضح المؤلف أن فهم اللغة عن طريق الذكاء الاصطناعي مشروط بالتغذية والتدريب على أنماط هذه اللغة، وذلك بعد أن يفهم أهل هذه اللغة أنماط لغتهم وإمكانيات المعنى ومساراته، وبالتالي يتغذون عقل الآلة بهذه الأنماط وتدريبه عليها. ولذلك فإن هناك تناسباً طردياً بين الثقافة الذكية المتقدمة وسوف تتطور الآلة المذكورة، وسيكون الذكاء الاصطناعي المرتبط بها ذكياً ومتقدماً والعكس صحيح. وهو معنى مزدوج في كلا الاتجاهين، نظراً لسرعة الآلة وتفوقها على الإنسان.

ثم يتناول المؤلف حال اللغة العربية اليوم، إذ توقفت عن التطور عند مرحلة معينة، على عكس اللغات الأخرى: “ما حدث هو أن البشرية واصلت خطواتها وتقدمها، بينما توقفنا نحن عند مرحلة معينة كانت في غاية التطور وجمدها، أي اللغة، تماما حتى التقديس”، ويحذر من إمكانية خروجها من هذا المجال، أي من التكنولوجيا، كما ظهرت قبل العلوم التطبيقية كالطب والهندسة.

ويرى شوشة أن العرب لم يصلوا إلى المعرفة الأمثل والضرورية بلغتهم: “يكاد العرب أن يكونوا من أجهل الأمم بلغتهم، في رأيي الشخصي”، كما يقول في الكتاب، ويتابع: “هناك مناطق لا تزال مجهولة في اللغة العربية لا يتوافق مع امتدادها زمانيا ولا جغرافيا. وذلك لأننا نتوقف عن التفكير فيه بطريقة جديدة، في ضوء المقاربات الجديدة التي تنبثق من اللحظة الراهنة، وفي ضوء العلوم الحديثة. وكذلك بتكرار ما كان قديماً حرفياً، أو لأن القواعد الشكلية الطويلة في النحو والبلاغة، وخاصة الدلالة، حولتها إلى عملات معدنية وفرضت عليها ثقافة. الحفظ هو أكثر من مجرد اكتساب المهارة اللغوية نفسها: النطق، الكتابة. والشرح والتحليل وفهم المعنى.

ويضرب على سبيل المثال جهود الدكتور طه حسين الرامية إلى تطوير اللغة العربية، إلا أن هذه الجهود واجهت العديد من العقبات وأعاقتها النزعات الرجعية.

ويشير «شوشة» إلى أن الذكاء الاصطناعي لن يفهم لغتنا العربية لأننا أنفسنا لم نفهمها بالشكل الأمثل، في ظل العلوم المتوفرة في العصر العباسي وما بعده، حيث تجمدت اللغة أمام معطيات تلك العصور القديمة. وسياقاتها، ونظر إلى ما كان متاحاً للإنسان في تلك العصور من العلم والتطور العقلي، ورصد القصور في فهمنا للغة العربية، وأوجه القصور في فهمنا للغة تشمل كل ما فيها. المستويات وجميع عناصر بنيته، ولا يقتصر الأمر على قواعد النحو والتركيب “هناك مشاكل تتعلق بالنطق والكتابة، أي وضع أطر وقواعد جديدة تنظم النطق بشكل شامل”. ومن حيث المعنى، ففي كل نموذج لغوي هناك أشياء تتعلق بالتحكم الصرفي أو التحكم في أصل الكلمة، وأشياء تتعلق بالتمثيل الصوتي لبعض الحركات الإعرابية التي تظهر وكأنها حروف أو دون تمييز سياقي بينها. والحروف…”، ويتابع: “بل هناك مشاكل تتعلق بالمجازات ومشكلات تتعلق بالمعجم والدلالات…”.

ويستعرض آثار هذه المشكلات التي لم يتم حلها، والتي تؤثر على فهم اللغة العربية، واستيعاب نصوصها، وقدرة العقل البشري على استيعاب المعنى وتفسيره في وقت سريع. كلهم سينتقلون إلى نموذج الذكاء الاصطناعي. (محاكاة العقل البشري الحقيقي) وعامل الزمن مع العقل الاصطناعي حيث أن الزمن هو محور العملية الأساسية لمعالجته وتشغيله.

وعن مخاطر عدم إعداد اللغة العربية بشكل كامل لنظام الذكاء الاصطناعي، قال: “ستكون شركاتنا الكبرى مهددة، والنظام المالي مهدد، والأنظمة المصرفية أيضاً مهددة. إن التحول الرقمي الذي تحقق وتحسن أوضاعه في السنوات الأخيرة سيصبح أثراً بعد عين، لا قيمة له إلا لمن يعمل باللغة الإنجليزية، في حال عدم قدرة اللغة العربية على مجاراة ذلك بشكل كامل. نظام جديد، وفي حال عدم جاهزية اللغة العربية بشكل كامل للنظام الاستخباراتي، فلن يكون هناك نظام مبسط للترجمة أو التفاعل الموازي إلا في حدود ضيقة، وسيعمل النظام بأكمله وفق العقل الاصطناعي المصاغ. وتعمل باللغة العربية، وإلا فلن تعمل باللغة العربية على الإطلاق.

ويشير إلى أنه قد بدأ بالفعل استخدام نسخ من الذكاء الاصطناعي، ويجب فهم أمر مهم، وهو أن التكنولوجيا لها وجهان: الوجه الظاهر، وهو ضروري لإدخال المنتجات التكنولوجية للاستهلاك العام، و ويختلف الجانب الثاني في أنه قد يعمل على الاستعداد في مجالات أخرى سراً، مشيراً إلى الاستخدامات العسكرية وحالات الصراع اقتصادياً وسياسياً وثقافياً: “يجب أن نتذكر شيئاً آخر مهماً جداً، وهو أن الذكاء الاصطناعي الفائق يتعلم نفسه ويتطور ويبدأ تدريجياً في اكتساب الاستقلال المعرفي عن بقية البشرية.

وعن الخروج من المأزق، يقول محمد سليم شوشة إن الحل يكمن في طريقين، يختتم المؤلف كتابه بقوله: “للخروج من هذا المأزق والتهديدات الوجودية لا بد من إصلاح العلوم. في الثقافة والأوساط الأكاديمية العربية بطريقة حقيقية وجذرية، دون أدنى درجة من الغموض، وندرك أن “أي تقاعس أو تهرب أو خداع للذات سيكلفنا تهديدا لوجودنا، وسيجعلنا ألعوبة في أيدي الأمم الأخرى”. . “

وفيما يتعلق بدور اللغة وأهميتها في حل الأزمة، يرى أن ذلك يحدث من خلال بذل جهد لامتلاك نموذج ذكاء اصطناعي فائق خاص بنا يعمل باللغة العربية، وتجديد رؤيتنا للغتنا وامتلاك وعي مختلف مستمد من اللغة العربية. والعلوم الطبيعية في ذلك الوقت “ستصبح اللغة هي المفتاح السحري لحل مشكلتنا، وكما كان فإن ركود علومها هو سبب تأخرنا”. انظر إلى العلوم.”

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *