بالتوازي مع توسع نطاق الأزمة الاقتصادية في أفغانستان منذ أن أعادت جماعة طالبان سيطرتها عليها، ازدادت المجاعة بين الناس، وتراجعت إمكانية حصولهم على الطعام.
ويفيد أحدث تقرير “المؤشر العالمي للمجاعة” أن أفغانستان تقع ضمن الدول التي تقاسي من “وضع جاد” من حيث المجاعة. إذ تحتل المركز الـ 116 من بين دول العالم، وساءت حالتها مقارنة بالعام الماضي.
وفضلا عن ذلك، تظهر تقارير الأمم المتحدة أنه بات من الصعوبة بمكان الوصول إلى الطعام في أفغانستان.
ووفقا لإحصاءات الأمم المتحدة، فان ما يزيد عن 12 مليون نسمة في أفغانستان، لا يدرون كيف ومن أين يحصلون على وجبتهم التالية.
لكن ما هي الأسباب التي أدت إلى تفاقم المجاعة في أفغانستان، وما هي جذور تفشي المجاعة بين الناس؟ وما التداعيات التي تتركها زيادة المجاعة على الناس؟
أسباب تزايد المجاعة
ويرتبط تصاعد المجاعة في أفغانستان، بعوامل دولية وأخرى تقتصر على هذه البلاد ذاتها.
ففي السنوات الأخيرة وعلى خلفية تفشي جائحة كورونا والحروب المدمرة في مناطق بالعالم، ارتفعت أسعار المواد الغذائية في العالم، وتراجعت بالتالي إمكانية الوصول إلى الغذاء. وقد أثر هذا بدوره على وضع الغذاء في أفغانستان.
غير أن ثمة أسبابا تخص أفغانستان ذاتها، وليست مرتبطة بالوضع العام في العالم، بما فيها الأزمة السياسية الناجمة عن هيمنة طالبان على البلاد وعدم الاستقرار الاقتصادي والحرب والصراع طويلي الأمد والجفاف المستمر والمتتالي والكوارث الطبيعية.
وإضافة إلى أن أفغانستان تعرضت خلال السنوات الثلاث الأخيرة من حكم طالبان، إلى أسوأ أزمة انسانية في العالم، فقد مرت لثلاث سنوات متتالية، بجفاف شديد أضر ضررا بالغا بحياة الناس، وأسفر عن استفحال الوضع الأمني وزيادة المجاعة وتزايد أعداد النازحين في الداخل والهجرة إلى الخارج.
كما شهدت أفغانستان كوارث بما فيها زلزال مدمر ضرب هرات غربي البلاد، دمر ألوف المنازل وشرّد مئات الألوف من الناس، ما زاد من استفحال الوضع الغذائي وصعوبة الوصول إلى الطعام.
وألحقت السيول الجارفة التي ضربت أجزاء من البلاد خلال العام الجاري أيضا أضرارا بالغة باقتصاد آلاف الأسر في أفغانستان وخربت الحقول الزراعية ودمّرت المنازل وشرّدت العوائل.
وقد أثرت كل هذه العوامل سلبا على وصول الناس في أفغانستان إلى الطعام، وأدت بالتالي إلى زيادة نسبة المجاعة بينهم.
ما تداعيات تزايد المجاعة؟
وكان لزيادة نسبة المجاعة في أفغانستان، تداعيات وآثار كبيرة تؤثر حتى على الأجيال المستقبلية للبلاد.
وتأسيسا على تقرير “المؤشر العالمي للمجاعة” فان سوء التغذية يعد أحد التداعيات الرئيسية لارتفاع نسبة المجاعة في أفغانستان.
وجاء في التقرير أن 30.8 بالمائة من مجمل سكان أفغانستان يعانون من سوء التغذية.
وقد ألحقت المجاعة وما يعقبها من سوء تغذية، أكبر الأضرار بالأطفال في أفغانستان، وتسبب بقصر القامة لديهم.
وأورد تقرير المؤشر العالمي للمجاعة أن أفغانستان ومعها نيجيريا، يواجهان تزايدا في قصر القامة عند الأطفال وأن 44.6 بالمائة من أطفالهما، هم أقصر طولا نسبة إلى أعمارهم.
ووفقا لمؤشر المجاعة العالمي، فان من التداعيات الأخرى للمجاعة هو نقصان الوزن ووفيات الأطفال دون سن الخامسة في أفغانستان.
وجاء في التقرير أن 3.8 بالمائة من الأطفال دون الخامسة في أفغانستان، يعانون من نقصان الوزن نسبة إلى أعمارهم وأن 5.8 بالمائة من الأطفال يلقون حتفهم قبل بلوغ الخامسة من العمر.
وإضافة إلى ذلك، فان تقارير الأمم المتحدة تظهر أن زيادة نسبة المجاعة وتراجع إمكانية الحصول على الطعام أديا إلى تزايد حالات اليأس والإحباط وارتفاع معدلات الأمراض النفسية بين الناس، وهو ما يمكن بدوره أن يسفر عن اندلاع أزمة تتهدد حياة الشعب الأفغاني حاضرا ومستقبلا.
انتهى
التعليقات