هل صام الرسول العشر من ذي الحجة؟
هل صام الرسول العشر من ذي الحجة؟

مع حلول العشر الأوائل من ذي الحجة يحرص المُسلمون على تطهير النفس وتهذيبها وتزكيتها بالعبادة، وعبادة الصوم من خير العبادات التي يُمكن فعلها في تلك الأيام المباركة، فالصوم في التسع الأوائل من ذي الحجة يجعل العبد أشد حرصًا على الطاعات والتقرب إلى الله بصالح الأعمال، فيكون صائمًا قائمًا داعيًا لله وآملًا في المغفرة والرحمة، وإحياءً لسُنة النبي صلى الله عليه وسلم، وحتى نسير على نهجه وهديه الشريف نتطرق معًا إلى إجابة السؤال المطروح هل صام الرسول العشر من ذي الحجة؟ وأوجه الدلائل على ذلك في السنة النبوية بشيء من التفصيل.

هل صام الرسول العشر من ذي الحجة؟

وفقًا لما ذكرته دار الإفتاء وما ثبت عن النبيّ صلى الله عليه وسلم فإنه كان يصوم التسع الأوائل من ذي الحجة، فالمقصود بالعشر الأوائل فيما يتعلق بالصيام يكون التسع الأوائل من ذي الحجة نظرًا لأن الصيام في يوم النحر مكروه.

بينما في أول تسع أيام من ذي الحجة هو صيام مُستحب استحباب شديد؛ لما فيه من فضل كبير وعد الله به عباده الطائعين، فلا شك أنّ الصيام من أبرّ الأعمال الصالحة المُستحبة في تلك الأيام المباركة، وقد اتفق جماهير أهل العلم على استحباب الصيام في التسع الأوائل من ذي الحجة.

شاهد أيضًافضل العشر من ذي الحجة وفضل الصيام فيها 1445

ثبوت صوم النبي في ذي الحجة

أما عن الدلائل من السنة النبوية الشريفة والتي نستند عليها في إجابة سؤال هل صام الرسول العشر من ذي الحجة أم لا ففي سنن أبي داوود وعلى لسان أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم فإنه كان يصوم التسع الأوائل من ذي الحجة، وفيما يلي بيان لذلك:

  • عن عبدالله بن عباس: “ما العَمَلُ في أيَّامٍ أفْضَلَ منها في هذه، قالوا: ولا الجِهادُ؟ قالَ: ولا الجِهادُ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخاطِرُ بنَفْسِه ومالِه، فلَمْ يَرْجِعْ بشَيءٍ” صحيح البخاري.
  • عن أبي قتادة الحارث بن ربعي: “وَسُئِلَ عن صَوْمِ يَومِ عَرَفَةَ، فَقالَ: يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ. قالَ: وَسُئِلَ عن صَوْمِ يَومِ عَاشُورَاءَ، فَقالَ: يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ” صحيح مسلم.
  • “كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر أول إثنين من الشهر والخميس”.
  • عن حفصة رضي الله عنها قالت: “أربع لم يكن يدعهن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صيام يوم عاشوراء، والعشر، وثلاثة أيام من كل شهر، والركعتين قبل الغداة” رواه أحمد والنسائي وابن حبان.

شاهد أيضًادعاء دخول العشر من ذي الحجة 1445 … دعاء العشر الاوائل من ذي الحجة

الجمع بين: “لا يدع ثلاثًا: صيام العشر”، و”لم يصم العشر”

وفقًا لما ذكر في الأحاديث السابقة يتبين القول الفصل في سؤال هل صام الرسول العشر من ذي الحجة أم لا استنادًا إلى ما وُرد في السنة النبوية من أحاديث تثبت أن الصوم في الأيام الأوائل من ذي الحجة فيه إحياء لسنة النبي واقتداءً به صلى الله عليه وسلم، أما عما أخرجه مُسلم عن عائشة لله عنها بأنّ الرسول لم يصم العشر قط، فقد تم تأويله على أنها لم تره صائمًا فيها لعارض ما من سفر أو مرض أو غيرها، لكن الأحاديث الأخرى أثبتت فضل الصيام في التسع الأوائل من ذي الحجة لاسيما اليوم التاسع منها وهو يوم عرفة.

وعلى جانب آخر، حتى وإن كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصوم التسع الأوائل من ذي الحجة في بعض الأحيان، فإنه لا يدل على عدم أفضلية الصوم في تلك الأيام، لأنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قد تعرض إلى أمور تشغله عن الصوم.

ويتضح من حديث السيدة حفصة استحباب صوم التسع الأوائل من ذي الحجة، فيُمكن أن تكون اطلعت على صيام النبي فحفظته، ولم تطلع عائشة رضي الله عنها على ذلك أو قد سبق واطلعت عليه ونسيته، وهو ما جاء جليًا في حديثها “ما رأيت رسول الله ﷺ صائمًا في العشر قط“.. مع العلم أنه في كل الأحوال يُعد صيام التسع الأوائل من ذي الحجة كله من قُبيل السنة لا الفرض.

 

 

من رحمة الله بعباده أن منّ عليهم بالعشر الأوائل من ذي الحجة، فتلك الأيام المباركة يُغفر فيها الذنب ويُضاعف لهم بها الأجر، فيتقبل منهم صالح الأعمال، وقد بيّنا أعلاه هل صام الرسول العشر من ذي الحجة مع الدلائل في السنة النبوية الشريفة آملين أن تتخذوا من الصوم في تلك الأيام المباركة سبيلًا للتقرب إلى الله تعالى.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *